الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المؤتمر السابع عشر لاتحاد الكتاب التونسيين أو طاحونة الشيء المعتاد

إبراهيم العثماني

2022 / 7 / 13
المجتمع المدني


[انعقد المؤتمر السابع عشر لاتحاد الكتاب التونسيين يومي 27 و28 ديسمبر 2008. وقد حفزتنا تلك المناسبة إلى كتابة هذا المقال.]
مـــــــــــــقدّمة:
اتحادات الكتاب منظمات ثقافية تؤسس أساسا لخدمة الثقافة الوطنية وتيسير سبل تطويرها وإزالة العراقيل التي تعوق ازدهارها وانتشارها، وتُبعث لتشجيع الكتاب والمثقفين على الإبداع الحر والخلق البناء. وهي فضاءات لاحتضان الندوات الأدبية والتظاهرات الثقافية للتعريف بالإنتاج المحلي ودعم نشره، وتبادل التجارب مع اتحادات الأقطار الأخرى للاستفادة منها إغنائها.
و لا يقتصر دور الاتحادات على هذه المهام فتتصدّى لكل السياسات الثقافية التي تصادر حرية الكاتب وتندد بالانتهاكات المسلطة على المبدع وتناضل في سبيل فرض حرية الرأي والتعبير وحق الاختلاف وتجاوز الأنماط الثقافية البالية والمحنطة، ومقاومة كل ضروب القمع أكانت أخلاقية أم دينية أم سياسية، وتنتصر لفكر التنوير والحداثة والعقلانية، وتناهض تيارات الردة والشد إلى الوراء. تلك هي مُبرّرات وجود هذه الاتحادات. فأي دور اضطلع به اتحاد الكتاب التونسيين منذ تأسيسه؟

I. اتحاد الكتاب التونسيين: التأسيس والمسار

الاتحاد هيكل رسمي ولد في أحضان السلطة الحاكمة في بداية السبعينات (1971) ولا يزال، وقد كرّس خياراتها الثقافية وساند توجهاتها السياسية وسكت عن تجاوزاتها المتكرّرة. وقد أسسته شخصيات لها مواقع متقدمة في السلطة والحزب الحاكم واضطلعت بمهام سياسية وحزبية وديبلوماسية من أمثال محمد مزالي والبشير بن سلامة ومحمد العروسي المطوي، ولم يجنح القائمون على شؤونه إلى سُنّة التداول على المسؤولية. فقد تعاقب على رئاسته منذ أن تأسس إلى الآن (37 سنة) أربعة أشخاص:1- محمد مزالي (1971/ 1979) 2- محمد العروسي المطوي (1979 /1991) 3- الميداني بن صالح (1991 /2005) 4- صلاح الدين بوجاه (2005 /2008)، وظلّ لما يقارب العقدين (1971 /1988) بدون مجلة تنشر إنتاج الكتاب التونسيين وتعبر عن تصوراتهم الثقافية والجمالية وتترجم مواقفهم من القضايا المطروحة وطنيا وعربيا وكونيا. وهكذا بقي الاتحاد هيكلا جامدا مهمّشا لا دور له في خلق حركية ثقافية ولاإسهام له في تنويع المشهد الثقافي. ومع نهاية الثمانينات ظهرت مجلة "المسار".
II. أهمية مجلة "المسار"
يُعد ظهور مجلة "المسار" حدثا مهما في حياة اتحاد الكتاب التونسيين. فالمجلة منبر إعلامي يعكس نشاط أعضاء الاتحاد بصفة خاصة والكتاب التونسيين بصفة عامة ويكشف تصوراتهم للمسائل الثقافية ويبين مدى التزام الهيئات المديرة بلوائح المؤتمرات ومقرراتها. وهي أيضا ذاكرة الاتحاد ومرجع لا غنى عنه لرصد مساراته وتحولاته، ووثيقة تُعتمد في دراسة الحياة الأدبية في تونس.
والمطلع على مدوّنة هذه المجلّة يخرج بجملة من الاستنتاجات:
أ- عرف صدور هذه المجلة انتظاما في مرحلة أولى إذ صدرت جملة من الأعداد بدون انقطاع (من العدد 1 حتى العدد 19) ثم تعثر صدورها واقتصر أحيانا على أعداد قليلة في السنة ا لواحدة(ظهرت منها أعداد مزدوجة بداية من العدد 20/ 21 ثم بدأت تتأخر عن موعد صدورها بانتظام، فالعدد 22/23 صدر في ديسمبر 1994 والعدد 24/25 صدر في جوان 1995)، وتواصل هذا التقطع إلى يومنا هذا.
ب- كان توجه المجلة في البداية أدبيّا - ثقافيا صرفا توزّع بين الإبداع والدراسة والإعلام عن أنشطة الهيئة المديرة وفروع الاتحاد ونواديه (نادي القصة، نادي الشعر...) أو الندوات التي تُعقد هنا وهناك.
ج- تضمنت بعض الأعداد ملفات ومحاور دسمة وثرية (ملف محمد فريد غازي عدد 3/4 – ربيع –صيف 1989، محور الحداثة والتغاير الثقافي ع 15 –مارس 1993، محور الرواية العربية المعاصرة: تجارب وقراءات ع 54 2001، إلخ.)، وتقديم شخصيات (محمد السويسي ع 6، الطاهر قيقة ع 7، محمود طرشونة ع 8، الميداني بن صالح ع 10... والقائمة تطول..
د- لم يكتف الأساتذة الجامعيون بالمشاركة في ندوات الاتحاد وكتابة المقالات في المجلة وإغنائها بزادهم المعرفي القيم وخبرتهم في مجال البحث بل تحمّلوا المسؤوليات في هذا الهيكل على أكثر من صعيد (دون أن ننسى أن بعض العناصر أساءت إلى سلك الجامعيين). ففي الهيئات المديرة نجد عثمان بن طالب وجلول عزونة ومحمود طرشونة ومحمد القاضي وخالد الغريبي، وفي هيئات التحرير نجد فوزي الزمرلي والهادي الطرابلسي ومحمد الغزي ومنصور مهني ومصطفى الكيلاني والقاضي وعزونة وطرشونة وابن طالب، كما تولى محمد الهادي الطرابلسي مهمة مستشار التحرير، والرئيس الحالي هو أيضا أستاذ جامعي.
هـ- بقدر ما كانت مجلة "المسار" منبرا أدبيّا ثقافيا قادرا على استيعاب التجارب الأدبية والجمالية على اختلاف تلويناتها وتنوع مشاربها أصبحت في السنوات الأخيرة شريكا في الدعاية إلى السياسة الرسمية للحزب الحاكم واحتضنت صفحاتها مقالات تُشيد بإنجازات لم تُنجز وتعدد مكاسب لم تتحقق(انظر المقتطفات المأخوذة من خطب رئيس الدولة في بعض الأعداد على سبيل المثال:ع 26/27- 1995، ع 32/33 – 1997، ع40 1999.).
وسيتدعّم هذا التّحوّل من خلال المؤتمرات ولوائحها (سنقتصر على الوثائق التي تضمنتها مجلة "المسار" فقط إذ لاتتوفر لدينا لوائح المؤتمرات التي انعقدت قبل ظهور المجلة).
III. المؤتمرات واللوائح
أ‌- المؤتمرات:
المؤتمرات محطات مهمة في حياة المنظمات والجمعيات، وهي مناسبات للتقويم والمحاسبة والوقوف على النقائص ورسم الخطط لتدعيم المكاسب وتجاوز السلبيات واستشراف المستقبل. والمؤتمرات علامة من علامات الحيوية التي تميز هذه المنظمات بها تجدد حياتها وبدونها تصاب بالشلل ويكون مصيرها الموت البطيء.
وقد انعقدت مؤتمرات اتحاد الكتاب التونسيين بشكل منتظم منذ لحظة تأسيسه (1971) إلى حدود المؤتمر الخامس عشر(25 مارس 2001) (15 مؤتمرا خلال 30 سنة)، وهو أمر طبيعي وعادي في حياة المنظمات المهنية والجمعيات الثقافية التي تكون قياداتها المسيرة متماسكة تنظيميا ومنسجمة فكريا. لكن الفترة الفاصلة بين المؤتمر 15 (2001) والمؤتمر 16 (2005) تعدّ أسوأ فترة في تاريخ الاتحاد الذي لانجد فيه لحظات مشرقة. فقد أحكم الميداني بن صالح قبضته على الاتحاد وتصرّف فيه كما أحبّ وشاء، ودعّم ظواهر مشينة كانت متفشية بين جمهرة من أعضائه من قبيل الرّشاوي والوشايات والجلسات الخمرية والسهرات الليلية لحبك المؤامرات والدسائس وشراء الذمم بأبخس الأثمان، وعزل كل مخالف لرأيه وإقصاء كل مناهض لطريقة تسييره (عريضة 102 المفصولين من الاتحاد). وقد ظلّ رئيس الاتحاد يؤجل المؤتمر16 المرة تلو الأخرى ويختلق الأعذار الواهية لتبرير صنيعه ويرد بشراسة غريبة على كل منتقد له، ونيته المبيتة هي الوصول إلى مجلس المستشارين باعتباره رئيس منظمة. وقد حقق مراده قبل موته بأشهر. وقبل أن يذهب في سبيل حاله ترك إرثا سيئا وتركة ثقيلة زادا الاتحاد تهميشا ودفعا خيرة الكتاب والنقاد إلى مغادرته والنفور منه واليأس من إصلاحه من الداخل بل أجبرا البعض على تأسيس " رابطة الكتاب التّونسيّين الأحرار".
وازداد الأمر سوءا مع المؤتمر السادس عشر الذي انعقد في ديسمبر 2005 وأفرز قيادة عناصرها المؤثرة موزعة بين جهات البلاد الداخلية. فصلاح الدين بوجاه (رئيس) من القيروان وإبراهيم الدرغوثي من قفصة وخالد الغريبي من صفاقس والمولدي فروج من المهدية. وهكذا عجز الاتحاد عن أداء أبسط المهام المناطة بعهدته وتضاعف شلله وقل ّنشاطه واصبح عقد اجتماع الهيئة المديرة مشكلة تكلف ميزانية الاتحاد نفقات طائلة ما أغناه عنها. أما مجلة" المسار" فقد تواصل صدورها بشكل غير منتظم وأصبح حضورها باهتا إن لم يكن منعدما.
وقد تجلّى هذا الوهن مرّة أخرى من خلال لوائح المؤتمرات.
ب- اللوائح:
تكون اللوائح عادة عصارة النقاشات التي تدور بين المؤتمرين وتعكس مشاغلهم اليومية واهتماماتهم الثقافية و مواقفهم من القضايا المطروحة، وتتخذها الهيئات المديرة المنتخبة برنامجها العملي بها تهتدي وفي ضوئها ترسم الأنشطة اليومية والخطط العملية بل إنّ هذه الهيئات تتعرّض لمحاسبة عسيرة إن لم تلتزم بمقررات المؤتمرات، وفي المنظمات الديمقراطية تُقال هذه الهيئات أو تفشل في الانتخابات اللاحقة عقابا لها وحتى تكون عبرة لمن يعتبر. والمطلع على اللوائح الصادرة عن مؤتمرات اتحاد الكتاب يلاحظ أنها تتراوح بين الثبات والتحول، وبين التشخيص الدقيق لواقع الحريات الخاصة والعامة والمساندة المطلقة للسياسة القائمة، كما يلاحظ البون الشاسع بين نهاية الثمانينات ومنتصف التسعينات والفترات اللاحقة، والمفارقات العجيبة بين الأقوال والأفعال. وقد ركزت هذه اللوائح على ثلاثة محاور أساسية:
1- - المحور المهني:
هي مطالب ثقافية خصوصية تختلف عن المطالب المهنية التي تناضل من أجلها النقابات وتتمثّل في:
دعم قانون الملكية الأدبية والفنية وتطبيقه في أوسع مجالات الإنتاج والنشر والتوزيع ودعوة الكتاب إلى الانخراط بالجمعية التونسية للمؤلفين والملحنين (اللائحة العامة الصادرة عن المؤتمر 10 المنعقد يوم 24 ديسمبر 1989 – "المسار" عدد 5 – ربيع 1990 ص125).
تسجيل تقلص حركة نشر الكتاب التونسي وترويجه نتيجة انعدام الدعم اللازم من قبل المؤسسات الرسمية المعنية وإخضاع الكتاب لقوانين السوق (اللائحة العامة للمؤتمر 11 المنعقد يوم 29 ديسمبر 1991 – "المسار" عدد 12 – جوان 1992 – ص133).
ولم نجد في المؤتمرات اللاحقة (12، 13، 14، 15) أيّ إشارة إلى هذه المطالب بل إن أعداد "المسار" التي تحدثت عن هذه المؤتمرات لم تشر إلى لوائح أو بيانات صدرت عن بعض المؤتمرات. وهكذا انتفى الحديث عن مطالب الكتاب الخصوصية. فأي موقع لحرية التعبير عند الكاتب التونسي، هذه القيمة الضرورية لكل إبداع ؟
2 – - المحور السياسي:
عبّرت بعض اللوائح عن انشغال كتاب تونس بالشأن العام وخاصة ما يتصل بحرية الرأي والفكر، وعكست مواقف تقدمية وإحساسا عميقا بوطأة الواقع المناهض لأي ضرب من ضروب الإبداع الجيد والمختلف عن السائد والمؤسس للبديل. فمن أهمّ بنود اللائحة العامة الصادرة عن المؤتمر العاشر:

أ – تمسكنا المبدئي بالذود عن الحريات الفردية والعامة وخاصة منها حرية الإبداع والتعبير والنشر، ونطالب في هذا الصدد بعدم إخضاع الإنتاج الأدبي والفني لأية رقابة أو قانون مثل قانون الصحافة الذي ندعو بالمناسبة إلى تحويره لما يتضمنه من طابع زجري يتنافى مع ما ضمنه دستور البلاد من حريات.
ب- نطالب بضرورة الإفراج عن الكتب والآثار الفنية المحجوزة، والتخلي نهائيا عن كل أشكال الرقابة التي تشوهها أو المصادرة التي تلغيها، وإيقاف كل التتبعات العدلية الجارية ضد بعض الكتاب والصحفيين ("المسار" ع 5 ص124).
وتكون اللائحة الصادرة عن المؤتمر11- سنة 1991 أكثر جرأة على تشخيص واقع الحريات وحالة الانغلاق والقمع المستشري. وممّا جاء فيها:
نسجّل تردي وضع الحريات الفردية والعامة بالبلاد وخاصة ما تعلّق منها بحرية التعبير والنشر نتيجة تواصل العمل بقانون الصحافة الزجري وتسليطه على الإنتاج الأدبي والفكري.
نعتبر أنّ حرية التفكير والتعبير ضرورة حيوية للمبدع وقاعدة لكل نهضة ثقافية وحضارية وأن خير درع لمواجهة المشروع الظلامي يتمثل في إطلاق الحريات للقوى المدنية في صلب مجتمعنا.
نسجل تردي وضع الإعلام وانغلاقه وأحاديته وعدم مواكبته لتطلعات المجتمع في تكريس التعددية الفكرية والسياسية مما يتعارض مع دوره في تجسيد قيم التنوير والتحرر والتمدن (انظر مجلة "المسار" ع 12 – جوان 1992 ص133).
إلاّ أن المؤتمرات اللاحقة حملت معها لوائح تختلف اختلافا جذريا عن سابقاتها. فمما جاء في البيان والتوصيات الصادرة عن المؤتمر 12 ما يلي:
مطالبتهم بمزيد الدعم للمسار الديمقراطي التعددي من أجل تأسيس مشروع مجتمعي يقوم على العقلانية والتسامح والتحديث (وكأن هناك مسارا ديمقراطيا حتى يدعموه ومشروعا مجتمعيا وجبت صيانته).
وقوفهم في وجه الأطروحات الكليانية والحركات الظلامية التي تدعي التفرد بامتلاك الحقيقة وتسلب الإنسان التونسي حرية الاختيار وحق الاختلاف (وهل هناك حرية الاختيار وحق الاختلاف حتى يسلبا) (انظر "المسار" ع 20/21 – جويلية 1994 ص ص 187 / 188).
وغابت اللوائح والبيانات التي تشرّح واقع البلاد والصادرة عن المؤتمرات 13، 14، 15 وعوضتها برقيات المناشدة والمساندة والتأييد. فقد أرسل المؤتمرون برقية إلى رئيس الدولة من بين ما جاء فيها:"يرفعون (أي المؤتمرون) إلى سيادتكم أحر عبارات التقدير والشكر والامتنان لما وجده اتحاد الكتاب التونسيين ورجال الإبداع والثقافة عموما من رد اعتبار وتكريم ورعاية سامية تجلت خاصة في المنزلة المتميزة التي بوأت الثقافة أولوية متقدمة صلب المشروع لتونس التغيير وفتحت أمام المبدع مجالات رحبة للمشاركة بنجاعة في حركة الإصلاح والتحديث" ("المسار" ع 36/37 – سبتمبر 1998 – ص187). وهكذا أصبح الاتحاد بوقا من أبواق الدعاية الرسمية وتجاهل واقع الثقافة المتردي وقمع المثقفين الرافضين التّرويض وتكريس الأمر الواقع، وتواصل هذا الارتباط غير المبرر وهذه الزيجة الغريبة إلى الآن. ففي غلاف الصفحة الأخيرة من عدد 26/ 27 من مجلة "المسار" –ديسمبر 1995 مقتطفات من خطاب رئيس الدولة في اليوم الوطني للثقافة 14 نوفمبر1991 ومن خطاب 27 أكتوبر 1995، وفي عدد32/33 1997 إضاءات من خطاب رئيس الدولة في اليوم الوطني للثقافة 14 جانفي 1997، وفي العدد 40 - 1999 خُصّصت الصفحتان 2 و3 "لإضاءات ثقافية من خطب الرئيس زين العابدين بن علي". وهكذا فُتح الباب ولم يُغلق وحاد الاتحاد عن أداء المهام التي بعث من أجلها.
أمّا المحور الثالث الذي اشتغل عليه نواب المؤتمرات فهو القضايا القومية.

3- - القضايا القومية:
من البديهي جدا أن يعبر الكتاب التونسيون عن مواقفهم من القضايا القومية خاصة وقد تكررت المؤامرات والاعتداءات على الشعوب العربية مشرقا ومغربا. لذا كانت مساندة هذه الشعوب واضحة جلية في المؤتمرات 10، 11، 12. فقد عبر المؤتمرون عن تضامنهم مع الكتاب والفنانين المضطهدين في فلسطين، وندّدوا بالحصار الجائر المضروب على العراق، ووقفوا إلى جانب كفاح الشعب الفلسطيني وانتفاضته الباسلة، وأدانوا التحرشات العدوانية التي تعرض لها الشعب الليبي. . . إلخ. وخلت المؤتمرات اللاحقة من أي موقف.
إن الوضع الذي عاشه الاتحاد عزله عن مكونات المجتمع المدني فتقوقع على نفسه وخذل الجمعيات والمنظمات المناضلة في سبيل حرية التعبير وإيجاد مناخ ملائم للكتابة والإبداع بدون قيود وضغوطات، هذه القضايا التي تعني اتحاد الكتاب قبل غيره والتي كان من المفروض أن يوليها أقصى اهتمامه. لكنه تجاهل دوره الأساسي. فلما تفاقمت ظاهرة مصادرة الكتب منذ تسعينات القرن العشرين (80 كتابا في أقل من عشريتين في حين تم حجز 10 كتب في عهد بورقيبة) لم يحرك اتحاد الكتاب ساكنا ولم يطرح أي محور للنضال عنوانه حرية التعبير والإفراج عن الكتب المصادرة. كما أن منشورات اتحاد الكتاب لا تتجاوز أصابع اليد(البشير خريف في عيون النقاد، في الشعر التونسي الحديث 1 و2، في السردية التونسية الحديثة، منتخبات من المسرح التونسي بالعربية مع ترجمتها إلى الفرنسية، مختارات من الفكر والنقد في تونس مع ترجمتها إلى الفرنسية)، وهكذا كان حصاده هزيلا وهو على أبواب إكمال عقده الرابع. فماذا يُنتظر من المؤتمر القادم؟

IV. المؤتمر السابع عشر والانتظارات:

يبدو أن المؤتمر السابع عشر لن يكون أفضل من سابقيه وأن التغيير ليس واردا في المستقبل القريب. ذلك أن مستقبل الاتحاد صورة من حاضره وحاضره سيء جدا. فالفروع بلا مقرات خاصة بها وأنشطتها قليلة، وحضور هذه الأنشطة القليلة ضعيف جدا، والسلطة الحاكمة ليست مستعدة للتفريط في الاتحاد رغم أنها حولته إلى جثة هامدة شأنه شأن أغلب الجمعيات، واستقلالية هذه المنظمة ليست مطروحة على جدول أعمال هذا المؤتمر بل من المؤكد أن تكون تزكية الرئيس للترشح للانتخابات القادمة أولى اهتمامات بعض النواب. ويضاف إلى كلّ ذلك أن القوى المتصارعة في الساحة الثقافية والمتلهفة لقيادة الاتحاد قديمة/ جديدة وليس لها أي برنامج بديل بل إنها هي التي كرّست الرداءة وأسهمت في مضاعفة الوهن الذي صاحب نشأة الاتحاد ولازم مساره، ودفعت العناصر التقدمية إلى هجره، ووظفته لأداء مهام أخرى. وقديما قيل فاقد الشيء لا يعطيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظمة -هيومن رايتس ووتش- توثق إعدام 223 مدنيا شمال بوركينا ف


.. بعد فض اعتصام تضامني مع غزة.. الطلاب يعيدون نصب خيامهم بجامع




.. بينهم نتنياهو و غالانت هاليفي.. مذكرات اعتقال دولية بحق قادة


.. بسبب خلاف ضريبي.. مساعدات الأمم المتحدة عالقة في جنوب السودا




.. نعمت شفيق.. رئيسة جامعة كولومبيا التي أبلغت الشرطة لاعتقال د