الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السجون و حقوق الأنسان

صالح مهدي عباس المنديل

2022 / 11 / 21
المجتمع المدني


لطالما خطرت على بالي عقوبة السجن، هذا الوحش المخيف الذي اقرن اسمه بأماكن مثل ابو زعبل، نقرة السلمان ، ابو غريب و اسماء اخرى كثيرة. كذاك يقترن اسم السجون بالجرائم مثل القتل و الخيانة الوطنية و السرقة و الأغتصاب و تجارة المخدرات و الصراعات السياسية و غيرها كثير من الآفات الأجتماعية. يبدو ان عقوبة السجن فرضت على المخالفين من قدم العصور، حيث جاءت الجرائم الى حياة الأنسان مع بدأ الحضارة. السجن حدده المشرّع كعقوبة رادعة لمن يعتدي على حقوق الآخرين الخاصة او الأعتداء على الحقوق العامة اي التي هي ملك الدولة او المجتمع.
الحقوق مصانة في جميع الشرائع و لا يجوز الأعتداء عليها ثم لابد من قانون يحدد العقوبات و دولة تحتكر القوة من اجل المحافظة على تطبيق تلك القوانين و من هنا تولدت فكرة السجن. في المجتمعات البدائية كانت عقوبة من يخل بالأمن او يعتدي على حقوق الآخرين هي النفي و يوجد مثل مهم منها في التاريخ العربي و هم الخلعاء او الصعاليك ، اذ لم تكن لدى القبائل سجون تخصص للجرائم. و كانت هذه المجتمعات تقتص ممن يقتل و لكن من يرتكب جرائم اخرى بصورة متكررة، اؤكد هنا على تكرار الجريمة، لأن هؤلاء اشخاص يستهترون و يتنمرون على الآخرين و هذه عقوبة جيدة في ذلك الزمان و قد أصبحت غير ممكنة في الحياة المعاصرة بسبب المدنية التي يعيش فيها مجتمعات كبيرة جداً.
اعتراضي على عقوبة السجن سأجمله في النقاط الآتية:
1. ان السجن هو مصادرة حق اساسي من حقوق الأنسان و هو الحرية الفردية التي اعتبرها المشرعون و الفلاسفة مثل جون لوك على انها مثل حق الحياة، امر لا يجوز لأحد ان يتصرف به غير الشخص نفسه. عمد المشرع الأمريكي في بداية تأسيس النظام الليبرالي الحديث ان يحدد الحرية على انها حق للفرد لا يجوز لأحد ان يتصرف به مثل حق الأنسان في العيش الذي على اساسه أُلغيت عقوبة الأعدام. فاذا كان ذلك النظام اساسي خالي من التنقاض سيستنتج القارئ انه من المنطق الغاء عقوبة السجن و استبدالها بعقوبات اخرى.
2. السجن في العصر الحديث بني على انه اصلاح للنفوس، لذلك تجد الدولة تستخدم الباحث الأجتماعي و الطبيب و اخصائي علم النفس محاولة لأصلاح الفرد لكي يكون مواطن مؤتمن عند اطلاق سراحه و لكن كل المؤشرات تدلنا ان خريج السجون شخص منهك نفسيا و أخلاقيا و غالبهم يكررون الجرائم اما بسبب العداء الأجتماعي او ان طبيعتهم العدوانية لم تتغير و في بعض الأحيان من اجل العودة السجن لان الشخص تصبح له ارتباطات صداقة مع سجناء آخرين. و قلما يتم الأصلاح.
3. الخدمات الصحية في السجون سيئة جداً و هذا يخل بحق آخر من حقوق الأنسان تبنته الأمم المتحدة في عام 1967، لذلك يموت كثير من السجناء في السجن لأسباب طبيعية.
4. السجن ما هو الا فرانكشتاين ، مخلوق خارج عن السيطرة مخاطره على السجين كثيرة جداً و هي الاعتداءات الجسمية و الجنسية التي تدمر حياة السجين. اما التنمر و المخدرات فقلما يسلم منها سجين. لذا نجد ان السجن غالبا ما يحول الشخص الى كائن غير قابل للتأهيل
5. يكون السجين عرضة للتعذيب من قبل السجان و هذا امر مستشري في الدول العربية، يجب ان ندرك ان السجين فقد حريته بطريق لابد من وصفها بأنها تعسفية، لان الحرية حق مطلق، تحول بمرور الزمن الى حق محدود، لكن يبقى السجين انسان له جميع الحقوق الأخرى.
6. ان السجن هو اسوأ مؤسسات الدولة له نفقات كثيرة دون مقابل اقتصادي، عليك ان تفكر لو تم استخدام السجناء بطريقة انتاجية.
هناك البدائل عن السجن التي شرعت في الدول المتقدمة اقتصاديًا مثل الغرامة او العمل او الأقامة الجبرية او العقوبات المعنوية. انا هنا لا اعني ان من يقتل شخص يمكن ان تفرض عليه الأقامة الجبرية لان القصاص في هذه الحالة افضل ان يكون الأعدام لان عقوبة السجن طويلة الأمد تنهي كل شئ فعند اطلق السراح يكون قد تقدم به السن، و لن تجد من يكفله في المجتمع و يصبح عالة على الرعاية الأجتماعية. و كل ما دون القتل يمكن ايجاد له بدائل عن السجن. في هذا العصر المتقدم لابد للمشرعين و علماء الأجتماع من التفكير بحلول بديلة عن هذه المؤسسة المشؤومة السوداء التي تذل الأنسان و تخل بكرامته و تدمر صحته و تعرضه لضغوط و امراض نفسية لا تستجيب لعلاج. يضاف الى ذلك ان السجن مؤسسة استهلاكية و قد تبين انها لا تصلح احد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة تحذر من التصعيد في مدينة الفاشر في شمال دارفور


.. تكدس خيام النازحين غرب دير البلح وسط قطاع غزة




.. ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟ •


.. نتنياهو: أحكام المحكمة الجنائية الدولية لن تؤثر على تصرفات إ




.. الأمين العام للأمم المتحدة للعربية: عملية رفح سيكون لها تداع