الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٤٩

ضياء الشكرجي

2023 / 1 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٤٩
إِن يَّدعونَ مِن دونِهِ إِلّا إِناثًا وَّإِن يَّدعونَ إِلّا شَيطانًا مَّريدًا (١١٧) لَّعَنَهُ اللهُ وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِن عِبادِكَ نَصيبًا مَّفروضًا (١١٨) وَلَأُضِلَّنَّهُم وَلَأُمَنِّيَنَّهُم وَلَآمُرَنَّهُم فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الأَنعامِ وَلَآمُرَنَّهُم فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلقَ اللهِ وَمَن يَّتَّخِذِ الشَّيطانَ وَلِيًّا مِّن دونِ اللهِ فَقَد خَسِرَ خُسرانًا مُّبينًا (١١٩) يَعِدُهُم وَيُمَنّيهِم وَما يَعِدُهُمُ الشَّيطانُ إِلّا غُرورًا (١٢٠) أُلائِكَ مَأواهُم جَهَنَّمُ وَلا يَجِدونَ عَنها مَحيصًا (١٢١)
هناك كلام عن عقائد، لا ندري ما إذا كانت موجودة وقتذاك، فهنا كلام عن عبدة إلاهات مؤنثات، وكلام عن عبدة الشيطان، وبقي الأمر لا يعلمه إلا مؤلف القرآن، بأي طريقة كانوا يعبدون الشيطان، وما إذا كان يعني عبادته بالمعنى المجازي باتباعهم الشيطان في وسوسته لهم بالأعمال السيئة، حيث اعتبرت الأديان نزعة الشر داخل الإنسان وسوسة من خارجه يزاولها الشيطان؟ خلاصة القول إن هؤلاء غير مشمولين بالمغفرة الموعود بها في الآية السابقة، إذ «أُلائِكَ مَأواهُم جَهَنَّمُ وَلا يَجِدونَ عَنها مَحيصًا».
وَالَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ سَنُدخِلُهُم جَنّاتٍ تَجري مِن تَحتِهَا الأَنهارُ خالِدينَ فيها أَبَدًا وَّعدَ اللهِ حَقًّا وَّمَن أَصدَقُ مِنَ اللهِ قيلًا (١٢٢)
كم كان جميلا ومنسجما مع العدل الإلهي المطلق، لو قالت الآية «وَالَّذينَ عَمِلوا الصّالِحاتِ سَنُدخِلُهُم جَنّاتٍ تَجري مِن تَحتِهَا الأَنهارُ خالِدينَ فيها أَبَدًا»، بدون عبارة «آمَنوا»، أو «وَالَّذينَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ سَواءٌ آمَنوا أَو لَم يُؤمِنوا سَنُدخِلُهُم جَنّاتٍ تَجري مِن تَحتِهَا الأَنهارُ خالِدينَ فيها أَبَدًا». بل وحسب القرآن حتى شرط الإيمان لا يعد إيمانا يستحق صاحبه الجنة، إذا لم يكن إيمانا بمحمدٍ رسولَ الله، وبالقرآنِ كتابَ الله، وبالإسلامِ دينَ الله، بل والإيمان بالإسلام لا يكفي، فمثلا من تخلف عن القتال من المسلمين، عدوا من أصحاب النار.
لَيسَ بِأَمانِيِّكُم وَلا أَمانِيِّ أَهلِ الكِتابِ مَن يَّعمَل سوءًا يُّجزَ بِهِ وَلا يَجِد لَهُ مِن دونِ اللهِ وَلِيًّا وَّلا نَصيرًا (١٢٣)
هنا تقرر الآية إن دخول الجنة لا يكون بالتمني، وبالتالي يكون كمفهوم من منطوق الآية مَن «يَّعمَل سوءًا» محروما من دخول الجنة. لكن هذا لا ينسجم مع الروح العامة للقرآن التي نجد في العديد من آياته إن الله يغفر الذنوب، لاسيما للذين يجتنبون كبائر الذنوب، دون أن تكون سيرتهم خالية كليا من لمم الذنوب، أي صغائرها، مما لم يصروا عليه؛ لكن كل هذا لا يكون إلا بشرط الإيمان بالإسلام. لكن المشكلة إن القرآن لا يجد مشكلة في أن يقرر شيئا في آية، وينقضه في أخرى.
وَمَن يَّعمَل مِنَ الصّالِحاتَ مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَأُلائِكَ يَدخُلونَ الجَنَّةَ وَلا يُظلَمونَ نَقيرًا (١٢٤)
هذه الآية كالعديد مثلها في القرآن، كانت ستكون مستوفية لشروط العدل الإلهي، لو كانت قد جعلت العمل الصالح وحده شرطا لدخول الجنة، ولم تجعل العقيدة من شروط دخولها. ولكننا عندما نرى في هذه الآية وفيما يصعب إحصاؤه من آيات أخرى بأن مصير «الَّذينَ كَفَروا»، أي الذين لم يؤمنوا، هو نار جهنم «خالِدينَ فيها أَبَدًا» تارة، و«خالِدينَ فيها» دون ذكر الأبدية تارة ثانية، أو «لابِثينَ فيها أَحقابًا»، كما جاء في سورة النبأ، دون معرفة أمد الحقبة الواحدة، أمئة سنة، أم ألف سنة، أم مليون سنة هي، ثم لا نعرف عدد هذه الأحقاب. ثم عرفنا إن «الَّذينَ كَفَروا» لا تعني إلا الذين «الَّذينَ كفروا»، أي لم يؤمنوا بالإسلام.
وَمَن أَحسَنُ دينًا مِّمَّن أَسلَمَ وَجهَهُ لِلَّه وَهُوَ مُحسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبراهيمَ حَنيفًا وَّاتَّخَذَ اللهُ إِبراهيمَ خَليلًا (١٢٥)
حقا قيل إن القرآن حمّال أوجه. فوفق هذه الآية يمكن إهمال كل الآيات التي تتوعد كل غير مسلمين بنار جهنم. فهنا تجعل الآية فقط الإيمان والتوحيد والعمل الصالح أو العمل الحسن، المعبر عنه بالإحسان، التي تعني فيما تعني القيام بالأعمال الحسنة، ولكن يبقى السؤال كيف يعرف الإنسان ما هي ملة إبراهيم حتى يتبعها. يمكن أن يقال إن الآية كانت من التسامح والمرونة، بحث تركت تقدير ذلك للإنسان الفرد نفسه. فحسب هذه الآية، ولكن فقط إذا أهملنا كل ما يعارضها، فهي توسع دائرة المقبولين من الله. مع هذا يبقى السؤال أين يكون مكان الإنسان الصالح والطيب والمستقيم، إذا كان ملحدا، أو لاأدريا، أو مشركا؟ هل يستحق كما يؤكد القرآن الخلود في النار، لمجرد أنه أخطأ اختيار العقيدة الصحيحة، مهما كانت أعماله الصالحة وسيرته المستقيمة وسلوكه الإنساني؟
وَللهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الأَرضِ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيءٍ مُّحيطًا (١٢٦)
يتكرر ذكر السماوات والأرض ١٣٣ مرة، مع العلم إن القرآن لا يعطي معنى علميا لمفردة السماوات، فهو يجعل عددهن سبعا، ويعتبرهن طبقات فوق بعضها البعض، ويتكلم عن كونهن قائمات بدون عمد يستندن عليها، ومع هذا فهن لا يقعن على الأرض. وكان الأجدر أن يكرر خلق الله للكون والأرض، بذكر العام ثم الخاص، أو بالعكس حسب السياق. وهناك تسع عشرة آية تؤكد أن لله ملك السماوات والأرض، وعشر مرات أن له ما في السماوات والأرض. وهذا أمر طبيعي، فالذي يخلق شيئا من العدم، هو الذي يصممها، وهو الذي يصنع موادها الأولية، وهو يضع لها قوانينها، ويبرمج تطورها، فمن الطبيعي أنه المالك لها. لكن يا ترى ما هي العبرة من تأكيد هذا المعنى، ألا يكفي أن يشير القرآن إلى أن الله هو الذي خلق كل شيء؟ على كل حال لا يراد من ذلك تسجيل إشكال على القرآن في هذه النقطة، إنما هو تساؤل لا غير، وهو تساؤل له مبرراته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب


.. الفوضى التي نراها فعلا هي موجودة لأن حمل الفتوى أو حمل الإفت




.. مقتل مسؤولَين من «الجماعة الإسلامية» بضربة إسرائيلية في شرق


.. يهود متطرفون يتجولون حول بقايا صاروخ إيراني في مدينة عراد با




.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط