الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
التعايش بين المجتمعات البشرية
ابراهيم محمد جبريل
الشاعر والكاتب والباحث
(Ibrahim Mahmat)
2023 / 2 / 19
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
التعايش Co-Existence فهو من المصطلحات الحديثة، أدى ظهوره بعد الحرب العالمية الثانية (بل جاء استخدامه في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين، تعبيراً عن تجنُّب النزاعات والحروب بين أقطاب الحرب الباردة بالتوافق على ما سُمِّيَ أي معالجة النزاعات من خلال التفاوض ،Peaceful Co-Existence التَّعايشُ السلميُّ والحوار السلمي، واللجوء أحياناً للمؤسسات الدولية، تَنُّباً لأخطار الحرب النووية)1 (شهد مفهوم التعايش/التسامح في الغرب الأوروبي خلال ثلاثة قرونٍ تحولاتٍ عميقة، صيَّتْه في القرن العشرين وبخاصةٍ بعد الحروب الهائلة مفهوماً كونياً. وما ورد مفردا التعايش/التسامح في الكتاب والسُّنَّة، لكنَّ هذا الثنائي كان حاضراً بقوةٍ في اللغة العربية باعتباره بين سمات وأخلاق الشخصية العربية النبيلة، فظهر بمعناه أو معانيه في الكثير من النصوص والأحداث وأخلاق التعامل. في حين وقعت مفاهيم التعارف والمعروف في أصل خطاب الفضائل، وصار التعارف وهو من الجوانب العملية والتواصلية ، في الأزمنة الوسيطة والمعاصرة، فهو حاضرٌ في مفاهيم المعروف والتعارف، باعتباره قاعدةً للعيش مع الآخر في العالم، وفضيلةً في التعامل والممارسة. وهو حاضرٌ في مفهومي الرحمة والعدل)2
بدأت الدعوة للتسامح والتعايش السلمي في المجال الأوروبي في القرن السابع عشر ( وقد أُريد به الخروج من النزاعات ذات المظاهر الدينية بداخل المسيحية، فإلى وقف الاضطهاد ضد اليهود. لكنْ في القرون اللاحقة، وبخاصةٍ في القرن العشرين، تطور المفهوم لدى المفكرين ولدى الجمهور لتجاوُز النزاعات من شتى الأنواع، للخروج من التعصب، والاعتراف بحق الاختلاف، وإقرار التعددية في الثقافة والسياسة والعلاقات الإنسانية، وقد كانت هناك مشكلات لدى العلمانيات الحديثة في مسألة الاعتراف، باعتباره في الفكرة والممارسة ذا أصلٍ كاثوليكي عريق، يقارن مفهوم التوبة من الذنوب، إنما في الفلسفات الحديثة والمعاصرة، وبعد شيوع فكرتي العدالة التي تتضمن حق التكافؤ والاختلاف، والتداولية التي تفعِّلُ مقولة المجتمع المدني)3
ومقتضياتها، جرى تجاوُزُ الأصل الديني للمصطلح ليصبح الاعتراف الشامل بالاختلاف والتعدد جزءاً من الليبرالية والديمقراطية في الفكر والأنظمة السياسية باعتباره نهجاً استراتيجياً فمفهوم التعارف الذي تطور إليه مفهوم التعايش والتسامح يتضمن حقَّ الفرد الإنساني والمجتمعات الإنسانية في المساواة والحرية والكرامة والكفاية والسلام، كما ظهر في ميثاق الأمم المتحدة ، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمواثيق والعهود الأخرى هو الذي عودة الدين إنَّ التواصل والتداخل في الفكر العالمي بين المفاهيم، في زمن يتيح الاقتران والتشارُك بين مقتضيات التعايش والتعارف من جهة، ويفتح الآفاق على فُرَصٍ وإمكانياتٍ المشاركة في فكر العالم وحضارته وثقافاته المتجددة، من خلال تجديد النظر في رؤية مفاهيم الكبرى، من جهةٍ نحن محتاجون بشدة للتعايش والتسامح في مفاهيم وممارسات في العلاقات الداخلية والنظرة إلى الآخر، كما والأفهام رؤية العالم نحن محتاجون بشدة للتعارف في العلاقات مع العالم، إنَّ التغيير في المتجددة له ضرورةٌ قصوى لمثقفينا وجمهورنا، وأخلاقنا)4
القارة الإفريقية
تعيش القارة الإفريقية تحولات جذرية في الثقافة والدين والتفكير، وقد نتج ذلك عن جملة تحولات التي شهدتها إفريقيا في السنوات الأخيرة فيما يخص الإرهاب والتطرف الديني في بعض البدان القارة الإفريقية وشهدت القارة تحولا في الثقافة، وأدى التطرف الديني في إفريقيا إلى تشويه سمعة المسلمين على صعيد القارة، وأدى التطرف الديني إلى فقدان ثقة المسلمين مع من يتعايشون معهم من غير المسلمين، وقد أثر التطرف الديني إلى خلق رعب في قلوب المسلمين وغير المسلمين على حد سواء على صعيد القارة الإفريقية، وبعض البلدان في القارة الإفريقية ما زالت تعيش حالة الارتباك منذ الاندلاع الحروب الدينية والجهاد باسم الاسلام أو باسم المسيحية، في السنوات الأخيرة، وأدى إلى قتل الأبرياء ولجوء ملايين من سكان القارة الإفريقية ( وفي ضوء هذه المتغيرات في العالم الاسلامي، عملت منظمة التعاون الإسلامي منذ سنوات مبكرة للتصدي لهذه الظاهرة، حيث أسست مجمع الفقه الإسلامي الدولي سنة 1981 م لضبط الفتوى وتوحيد الاجتهاد وصون الخطاب الديني من تعدِّي الهُواة والمُتنطِّعين، وإعلاء دور المرجعيات الدينية الكبرى في العالم الإسلامي، وتفعيل دور المؤسسات الدينية الرسمية في توعية المجتمعات المسلمة، وتجديد الخطاب الديني بما يتوافق مع حاجة هذه المجتمعات وتطوراتها كما سارعت المنظمة إلى وضع التصدي لظاهرة التطرف والإرهاب على رأس أجندتها السياسية والثقافية والاجتماعية منذ سنة 1987 م، وبات ذلك جزءاً رئيساً في برامج عملها وعلى سلم أولوياتها وفي صدارة قراراتها السياسية والثقافية، وقد تُوّجت هذه الجهود المبكرة بمعاهدة المنظمة لمكافحة الإرهاب التي تم اعتمادها سنة 1999 م ، وتكلّلت هذه الجهود بالعديد من المبادرات الدولية من قبيل إعلان كوالالمبور سنة 2003 م ، وبيان مكة سنة 2005 م ، والعديد من المبادرات والبرامج الدولية الرائدة في هذا المجال، ومع التحولات الجذرية التي شهدتها ظاهرة التطرف والعنف وركوب الحركات الإرهابية موجة وسائل التواصل الاجتماعي في التجنيد وضرب أمن واستقرار المجتمعات، بادرت منظمة التعاون الإسلامي إلى تأسيس مركز صوت الحكمة سنة 2016 م للإسهام في تفكيك الخطاب المتطرف والتصدي لأجندة الحركات المتطرفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولإثراء الشبكة العنكبوتية بمحتوى إيجابي يعكس وسطية تعاليم الدين وسماحتها بدلاً من ترك الميدان مرتعاً لفكر الحركات المتطرفة ، ورصد ظاهرة الإسلاموفوبيا والتي تقترن اقتراناً وجودياً مع خطاب الكراهية وظاهرة التطرف والإرهاب )5 ويأتي هذا العمل الفكري في سياق جهود منظمة التعاون الإسلامي المتواصلة (هو التعريف بالإسلام بطريقة ميسرة وسهلة دون الإيغال في الخلافات والتفسيرات والأفهام المتشددة ، ملتزمة في الطرح والمناقشة بالوسطية والسماحة)6
التعايُشُ الاجتماعي: يعني أنَّ (المجتمع يعيش أهلُهُ في وئَامٍ، رغم تَعدُّد فئاتهم، وأَعراقُهم، وأَديانهم، ومَصالحهم. ويقوم التعايش على احترام الآخرين وحرياتهم والوعي بالاختلافات بين الأفراد والجماعات والقَبول بها، وتقدير التنوع الثقافي. ولأن التعايش هو تفاعلٌ بين طرفين وأكثر، فهو يعني استعداداً من عدة أطراف لتطوير عيشٍ مشتركٍ يسوده الحوار والتفاهم)7
دور المثقفين في التعايش السلمي: كان للمثقفين دور عظيم في التعايش السلمي ونبذ التطرف حيث (كتبوا وتحركوا منذ النصف الثاني من القرن العشرين بقوةٍ وفاعليةٍ، ودخلوا على المعروف العالمي الجديد، والتعارف العالمي الجديد في قيم المساواة، والحرية، والعدالة، والتعايش السلمي والسلام، وحقوق الإنسان، وهي مفاهيم وقيم ومصطلحات ما كانت موجودةً في تراثنا بنفس الصِيَغ أو المعاني أو الألفاظ في أحيانٍ كثيرة، وقد صدرت عن علماء ومثقفين بياناتٌ وإعلاناتٌ كثيرةٌ في العقود الأخيرة، تتضمن هَٰذِهِ القيم بالانفراد، أو بالاشتراك مع أبناء الديانات الأُخرى والثقافات الأُخرى، والأُمم الأُخرى، وكان التعايش والتسامح مبدأً، وقيمةً، وأخلاقاً حاضراً فيها)8
التعايُشُ الديني والتعددية الدينية وإحصاءاتها: هناك دراسة إحصائية أجرتها في عام 2012 ( مؤسسة البوذيون وحدهم 15 في المئة من سكان العالم ، ولهم كتاب كتب يؤمنون به، ويشكل الهندوس 7,1 في المئة، ولهم أيضاً كتاب يؤمنون به، وإلى جانب هاتين العقيدتين البوذية والهندوسية، هناك عقائد عديدة أخرى، مثل: الشنتوية، والجينية، والسيخية، والزرادشتية، والطاوية، والوسيكا، إلى جانب ما يُعرَف بأهل العقائد؛ الذين ينتشرون في إفريقيا، وبين الهنود الحمر في الأميركيتين، والذين يشكلون في مجموعهم 5,9 في المئة من سكان العالم .
أما غير المؤمنين بأي دين، فإنهم يشكلون 16,3 في المئة ، غير أن 44 في المئة من هؤلاء غير المؤمنين ، يعتقدون بوجود قوة عليا خارقة . وأما أهل الكتاب من المسلمين والمسيحيين واليهود ، فإنهم يشكلون مجتمعين 54,9 بالمائة من سكان العالم : 31,5 في المائة مسيحيون ، و 3,22 في المئة مسلمون ، و 0,2 في المئة يهود .إن هذه الصورة العامة عن التنوع العقدي والتعدد الديني ، تطرح قضية جوهرية، وأساسية يقوم عليها السلام العالمي ، والعلاقات بين الأمم والشعوب ؛ يدور محورها)9
ترويج الشبهة في الديانات عبر تأويل فاسد: (يتم الترويج لشبهة ، فحواها أن الإسلام يحتكر شرعية الإيمان باللَّه ، ويلغي شرعيات الأديان الأخرى ، وأنه لا يتسامح مع المؤمنين بالأديان والعقائد المختلفة الأخرى!! ويتمّ بناء هذه الشبهة على تأويل فاسد لآيتين من القرآن الكريم ؛ حيث يعتمد أصحاب هذا التفسير في توجيه تهمة الاحتكار الدينية على الآية الكريمة، ويعتمدون في توجيه تهمة الإلغاء الديني لكل ما هو غير مسلم ومن خلال ذلك يصنِّفون الإسلام على أنه دين غير متسامح، إلغائي للآخر، كاره لغير المؤمنين به، ومناقض للوحدة الإنسانية! ومن ثَمَّ ليس مؤهلاً لتحقيق الأمن الروحي والفكري على المستوى الإنساني العام، ذلك أن هذه المهمة الروحية الإنسانية، السامية يستحيل تحقيقها عن طريق الاحتكار أو الإلغاء، ومحاولة فرضها بالإرهاب، وردًّا لهذه الشبهة، لا بد من توضيح المفهوم القرآني للإسلام ؛ وهو مفهوم يقوم على الإيمان بما أنزل اللَّه سبحانه وتَعالَى إلى محمد ، وما أُنزل إلى مَن قبله من الأنبياء والمرسلين، من وحي السماء، وخصوصاً إلى عيسى وموسى والإيمان أيضاً بأن إله المسلمين وإله أهل الكتاب، بل إله البشر جميعاً، هو إله واحد، ويتردد هذا الموقف المبدئي التأصيلي بشكل تفصيلي في القرآن الكريم، فإن التعريف العام للإسلام يكون الإيمان بجميع رسل اللَّه وأنبيائه، وعدم التفريق بينهم وهذا أمر جوهري في العلاقات الإيمانية والإيمان برسالات اللَّه جميعاً التي حملها الرسل والأنبياء، ويشكل بالتالي أساساً لعلاقات تسامح مع أهل العقائد العديدة الأخرى)10
أبرز التعايش بين البشر: أبرز التعايش بين بني آدم يتم في التسامح، والحرية، والفضيلة، والعدل، والوفاء بالعهد، والتعاون على نشر الخير ومحاربة الفساد، ومن الخير و حفظ النفس، والدين، والنسل، والعقل، والمال، ومن حقوق الأخوة الإنسانية الموروثة وجوب
ودعوة الآخرين للمشاركة في الرفق الذي قد يكون ممزوجاً بحسن المناداة وبالاستعطاف والتجاور ويراعي فيه حقوق الروابط المختلفة حتى مع اختلاف الدين، ويحث على التعاون في تحقيق المصالح المشتركة والثوابت وطبيعة الآخر وقد تعرفنا فيما سبق على الثوابت العامة التي ينبغي أن لا يتنازل عنها أو يتهاون بها، يبدو أن هناك حاجة إلى التعرف على الطريقة التي تتفاعل بها هذه الثوابت مع طبيعة الآخر فالآخر
العلاقة الودية التعاونية بين المسيحيين والمسلمين في الكاميرون: إن من يعش في الكاميرون يرى مثالاً رائعاً للتعاون التلقائي غير المتكلف بين أتباع الديانتين المسيحية والإسلام ، سواء أكانوا يسكنون عمارة واحدة أو يعملون في مؤسسة واحدة، أو يتعاملون في الأسواق والمحلات التجارية، فإن هذه العلاقة الودية التعاونية بين المسيحيين والمسلمين تمتد قرونا عديدة وتستند إلى أسس مشتَركة كثيرة، منها إباحة أكل المسلمين لطعام المسيحيين، وإباحة زواج المسلم من نسائهم لتحقيق التعايش السلمي ثابتة على مبدأ واحد وهذا المبدأ هو أن الأصل في العلاقة بين البشر هو السلم والتعاون في الخير.
التطرف في التعايش مع الآخرين: ومن المخاطر الكبرى التي تهدد أمن واستقرار المجتمعات البشرية اليوم ظاهرة التطرف (التي تغطي بأشكالها العديدة واجهة الأحداث، فمن التطرف السياسي إلى التطرف الفكري إلى التطرف الديني وإلى تطرف الهُويات والقوميات. ويزداد هذا التطرف صعوداً مع تزايد دعاته، سواء من الجماعات أو من الساسة من مختلِف الجنسيات والأديان، الذين صاروا يكسبون بفضله رهانات السياسة، وتتجه مؤشرات صناديق الاقتراع لصالحه، وهذه الظاهرة كما عُرِفت في أوساط العديد من المجتمعات على مرِّ العصور، فإنها تعرف اليوم نقلة نوعية نظراً لِمَا أصبح في متناول أصحابها من المتاح التقني والصناعي الذي يختزل البشرية في قرية صغيرة، وأصبحت عملية التعاطي معها اختباراً صعباً، ولكنه مُلِحٌّ ويحتاجُ إلى جهود إقليمية ودولية. فلا يكفي الاقتصار فيها على الجهود الأمنية بمفردها، بل لا بد من إسناد فكري وتربوي ينشر ثقافة إنسانية ذات بعد أخلاقي، قوامه السلم والمحبة والتسامح.
ثقافة الغلو والتطرف: ثقافة الغلو والتطرف لن يترك مكاناً للغلو والتطرف، داخل المجتمع الواحد فحسب، بل بين المجتمعات البشرية بمختلِف ألوانها الدينية والثقافية ومثل هذه الثقافة ( يمهد أرضيةً مثل للحوار والتفاهم بين الأمم والشعوب، ويحقق الاستقرار والأمن الاجتماعي، ويشكل حاجزاً حصيناً ضد كل نزعات العنصرية والتمييز وأساليب الإقصاء، ويضع حلولاً رشيدةً للاختلاف والتنوع، ويحترم ما يميز كل شعب من مكونات ثقافية تمثل هُويته ومصدر اعتزازه، ويدعو إلى الارتقاء بالأفكار والسلوكيات وتنقيتها بما يحقق التعايش المشترك والتعاون الحضاري والثقافي بين الشعوب، لذا كان مطلباً جليلاً، دعت إليه الأديان وسعت نحوه الفلسفات والنظم القانونية)11
مظاهر التطرف وأسبابه وانعكاسات: أصبح التطرف أكثر استعمالاً في الأشياء المعنوية. فهي (التشدد والشطط في المعتقدات والمواقف والتصرفات، وهي كل فكر أو عمل أو سلوك يتبناه شخص ما ويبالغ فيه ويفتقر إلى سند علمي أو ديني أو أخلاقي. ومما يزيدها جلاءً وقوعُها في مصفوفةٍ من المصطلحات المتآخية دلالياً والتي يضفي كل واحد منها عليها سمة أو معنَى. منها: التعصب، والتنطع، والتشدد، والغلو، والتزمت، والعنف، والإرهاب، ولئن أخذ التطرف مظاهر وأشكالاً متعددةً وبالغةَ الخطورة، فإن تجلياته في المعتقد والفكر تبدو من أعتاها وأجدرها بصرف الجهد واستنفار الطاقات. وربما يكون التعصب الشديد للفرقة والطائفة، لما ينطوي عليه من حظوظ النفس والميل إلى المحورية الضيقة هو أصل داء التطرف ومغذيه المستمر)12
وخصوصاً إذا كانت له حواضن اجتماعية تدعمه وتوفر له فضاءات تسمح له بالتبلور والتعميم، ويُعَد التطرف من المفاهيم التي انشغل بها الدارسون كثيراً في الآونة الأخيرة، ودار حول تحديده ومظاهره جدل عريض، نظراً لعدم قبول أي طرف، مهما كان، للتسمية به، ونظراً لتشكيك دلالته وكثرة استعمالاته بحسب المقاصد والمصالح المتباينة. فقد يتم تصنيف شخص أو مجموعة أو عمل كمتطرّف، لمجرد تحقيق هدف ما سياسي أو غيره.
يرتبط مفهوم التطرُّف بالجمود والانغلاق: لأنه منهج في التفكير متحجر، مفرط في التعميم، معنوي الرؤية، يرفض المعتقدات المخالفة له ولا يقبل التعايش معها. لهذا يُصنَّف إرهاباً، لأنه يتحوّل في أغلب الحالات من فكر وسلوك فردي إلى ممارسة جماعية ذات صبغة إكراهية، يتم فيها استعمال العنف الفكري أو النفسي أو المادي لتحقيق ما يعتقده المتطرف؛ أو لنفي الآخر بعدم احترامه في ثقافته ودينه وطرائق تفكيره.
مظاهر التطرف: للتطرف مظاهر عديدة منها: (التطرف الفكري والسلوكي، الذي يعني المبالغة في تبني آراء ومعتقدات تكون غالباً أكثر انزياحاً ونتوءاً عن المعيار المشترك المتعارف عليه بين أبناء المجتمع من حيث القواعد والأطر الفكرية والثقافية والقيم والمسلكيات.
ومنها: التطرف العملي الذي يعني اتباع المناهج العنيفة والقهرية لفرض رأي أو موقف فكري أو ديني على الآخر: فرداً أو جماعةً. وهكذا يبدو التطرف متعدد الأشكال والألوان؛ دينياً أحياناً وسياسياً أحياناً وعرقياً أحياناً، إلخ، تختلف مداخله باختلاف هموم أصحابه وتكوينهم النفسي؛ ولكنه في محصلته النهائية يصبُّ في صناعة الشر الذي يهدد البشرية بمزيد من التوتر والعنف والهمجية، ويبدو المدخل الديني للتطرف الذي طغى في العقود الأخيرة أكثر بروزاً وأشد ضراوة وحدّة، لانتشاره بين مختلِف الديانات، ولما نجم عنه من أضرار جسيمة طالت مختلِف الشعوب والقارات)13
خطاب المتطرف عند المسلمين: وخطاب المتطرف عند المسلمين، هو الأشد وطأةً والأكثر ذكراً وتدويلاً، فسيكون التركيز عليه (نشأةً، وخلفية نظرية، وطرائق عمل، ونتائج، ويمكن تعريف هذا الخطاب بأنه تنظيرٌ شرعيٌ يعتمده قائله ويبتعد عن الوسطية إحدى أهم خصائص الإسلام ويغالي في الدين معرضاً عن هدي المحجة البيضاء، ويستند في أحكامه إلى ظواهر وعمومات وإطلاقات ومجملات من الوحي دون أبهٍ بتأويلاتها، وتخصيصاتها، وتقييداتها، وتفصيلاتها، وهذا الخطاب المتطرف يعرف ميوعة في الفهم فتحت البابَ واسعاً أمام قراءات مختلفة، ومتناقضة، أدت لفوضى فكريَّة وتفسيرية ولَّدت عند الشباب المسلم حيرةً وإرباكاً، وشجَّعت كلَّ مَنْ هبَّ ودبَّ على القراءات الانتقائيَّة المجتزأة من سياقاتها التي تَقصُ نظرتها، لسطحيتها واختزاليتها، عن إدراك غايات الدّين ومقاصده الكبرى، وتُغفل، لفرط بساطتها، رسالته الإنسانيَّة المنفتحة على قيم الخير والسلام، لذا تشيع في أوساط الجماعات المتطرفة مفاهيم مغلوطة مفرغة من دلالاتها الشرعية كالجاهلية، والحاكمية والكفر والردة والفسق والزندقة؛ يطلقونها على كل من عداهم ولو من بني جلدتهم فهم يعتقدون أنهم على الحق المطلق الذي تُعَد مخالفته أو مناقشته كفراً بواحاً يُستباح دم صاحبه، فإن ثمة أسباباً موضوعيةً تفسِّر هذا التصاعد المستمر للتطرف عند المسلمين وكيفية تحوله إلى عنف مستديم الحلقات وغير مسبوق. منها: وسائل التواصل ووسائط الاعلام التي أتاحت إمكانات فائقة لتخطي الحدود والفواصل بين المجتمعات البشرية، وللربط والتعارف بين الأفراد، وتلاقي الأفكار والمفاهيم وتأثر بعضها ببعض) 14
ومنها تأثيرات العولمة وموضات الحداثة ومحاولات تغريب ومسخ المسلمين، إضافة إلى الهجمة التي يتعرضون لها من خلال رهانات الهيمنة عليهم فقد أسهمت كل هذه العوامل في نشر ثقافة التطرف، وانحسار ثقافة الاعتدال والعقلانية وقيم التسامح؛ كما قلَّصت الفضاءات المشتركة حتى بين أبناء المجتمع الواحد.
بذور التطرف في عقول الناشئة.: ولا شك أن للمناهج التعليمية، والقيم والأخلاق المكتسبة من التنشئة الاجتماعيَّة، ونمط الخطاب الدّيني السائد الرسمي وغير الرسمي، ووقع تحديات العيش، وارتفاع نسبة البطالة والفقر والهامشية في صفوف الشباب بشكل خاص، وتزايد الصرعات والحروب، دوراً فاعلاً في غرس بذور التطرف في عقول الناشئة.
وقد نتج عن هذا التطرف انعكاسات سلبية، ليس على مظاهر الحياة العامة وحدها بل على الإسلام نفسه. فتم تصويره وكأنه دين القتل والجهل والظلامية الذي لا يُراعي إنسانية الإنسان ولا حقه في الحياة الكريمة. فكان ذلك تشويهاً بالغاً للدين، وإغفالاً لسماحته ويُسره، وحجباً لجانب الترغيب فيه السابق لجانب الترهيب، وعدم إعارة المعاملة الطيبة والأخلاق الحميدة التي أدت إلى انتشاره في كثير من بقاع الأرض أية أهمية.
فجاءت نتيجة هذا السلوك الخوف والنفور من الإسلام وظهور الإسلاموفوبيا التي كادت اليوم أن تعمّ أكثر شعوب المعمورة وجعلتهم يتخذون مواقف عدائية، بل عدوانية تجاه المسلمين، التطرف وموقعه من تعاليم الإسلام وقيَمه من المعروف أن التأويل والاجتهاد المقبولين هما اللذان ينطلقان من أن الشرع الإسلامي يتحدد أول ما يتحدد من أدلة القرآن والسُّنَّة اللذين هما مصدر التكليف وحقيقة الدين المتفق عليهما بين المسلمين كافة، وأنه ينضبط بقواعد التواصل الناظمة لمعيار الكلام في اللغة العربية، ويحتكم إلى الفضاء التداولي المعروف عند سكان جزيرة العرب المتمثل في مألوفهم الثقافي أيام البعثة)15
موقف المفكرين من التطرف: وكان موقف المفكرين من التطرف مواجهةً وإدانة صريحة (فمنعوا المسارعة للتكفير، كما حذروا من كل ما يؤدي إلى إثارة الشحناء والبغضاء، فنهوا عن الغلو الذي يعني مجاوزة الحد في الشيء، وبيَّنوا سوء عاقبته من ظلم الناس والتسلط عليهم سواء من أهل الملة أو من الأمم الأخرى، وعدم التعصب ذلك أن الغلو في الدين لا يؤدي إلى الإرهاب والفوضى والفرقة)16
الالتزام بالوسطية والرفق والعدل في مختلِف المواقف( ووضع أسساً وقواعد للتعامل مع المخطئ والمسيء بغض النظر عن دينه وجنسه، وحرّم سب الناس وترويع الآمنين ولو على سبيل المزاح، وقد أدان العالم التطرف بمختلِف مشاربهم أعمال العنف والإرهاب الناجم عن خطاب التطرف)17
فالسماحة والمرونة و التخفيف في المعاملات، (انعقد الإجماع على انتفاء وتضافر الأدلة على رفع الحرج عن الأمة لأن الدين يسر حيث ظاهرت أقوال المشقة تجلب التيسير من أهم الطرق الكفيلة بمواجهة التطرف هو الحوار الهادئ الذي يستفرغ ما لدى الخصم من دعاوى وشُبه، ويقيم عليه الحجة بالدليل الناهض الذي يطرح أفكاراً ذات ثقل معرفي وحضاري وكفاية واقعية تواكب متطلبات الحياة الحديثة.)18
مواجهة التطرف في المؤسسات التعليمية والتربوية: وهو باب الذي يتأكد الدخول منه للحرب على التطرف ، فهي وحدها القادرة على حصار الفكر المتطرف وسحق أهم أسلحته التي هي المعتقدات والأفكار، فدور مثل هذه المؤسسات يظهر ريادياً في هذه المنازل، لأن السهر على تكوين الناشئة تكويناً سليماً على مستوى الفكر والاعتقاد يعني بناء حصن مانع ضد التطرف.
ولئن تعددت فروض الباحثين في تحديد الدواعي المؤدية للتطرف وفي وسائل علاجه، فإن جمهورهم يرى أن هنالك عوامل ثلاثة هي التي شدت من عضده وما زالت تمده بأسباب الحياة)19
أولها : ضعف القوة الإقناع للخطاب المناهض للتطرف بمختلف جوانبه وتحصين الشباب من المؤثرات الضارة، كالانحراف والاستغراب، والتطرف والغلو.
ثانيها : انتهاج الخطاب المناهض للتطرف لطريق التوفيق أو على الأصح التلفيق، المجافي للموضوعية والطرح العقلاني، المقلل من شأن الفكر. والحق أنه لا قيام لأمة دون حركة فكرية متأنية، موصولة الحلقات، ثابتة الخطى.
ثالثها : وجود اختلالات في هذا الخطاب تكمن في طغيان المشغل السياسي داخله على حساب جوانب الإسلام الكثيرة الأخرى، وبما أن العالم قد تقاربت مسافاته، وتهاوت حواجزه الطبيعية، واتحدت نوعاً ما تحدياته، وازداد احتياج بعضه إلى بعض، وتفرض التركيز خطابهم حول السعي في ترشيد الوعي الإنساني وتعميق النظام القيمي والأخلاقي بتوجيههما صوب الحق والعدل، والسعي في خلق وسائل التعارف بين البشر جميعاً لإيصال الخطاب الذي يحملون بحسب ما يفهمه الناس من منظور التكامل لا التصادم، خصوصاً أن صور التكريم الإنساني تتحدد تحقيق مبادئ الحرية والعدل والمساواة بين الناس، والرحمة بالمخلوقات والإحسان إليها، وإرساء الأمن والسلم. فالسلم والإسلام لفظتان مشتقان من المادة نفسها)20
البشر من أشرف المخلوقات (فإن جميع الحيوان لا يعرف النظافة ولا اللباس ولا ترفيه المضجع والمأكل ولا حسن كيفية تناول الطعام والشراب ولا الاستعداد لما ينفعه ودفع ما يضره ولا شعوره بما في ذاته وعقله من المحاسن فيستزيد منها والقبائح فيسترها ويدفعها بله الخلو عن المعارف والصنائع وعن قبول التطور في أساليب حياته وحضارته فكل ما كان في هذا المعنى أو يخدم هذه المبادئ المعظمة لشأن الإنسان)21
ففي مجال احترام الإنسان وحقوقه، فالحرية ليست مجرد يجوز لصاحبه أن يتنازل عنه إن هو أراد ، بل هو تكليف شرعي واجب يتجلى في إعادة الاعتبار للإنسان من حيث هو كائن ملتزم ومستأمن، يتحمل المسؤولية في الاختيار بين الخير والشر. وما الثواب والعقاب إلا فروع للحرية، باعتبارها إذناً للإنسان بالتصرف في شؤونه كلها، وبالتمكن من الفعل المعبر عن إرادته، إن حكمة السماحة ويعتبر التسامح قيمة أخلاقية وحضارية عالية، فالتنوع معطى من معطيات الكون، وهو الذي يمنحه ثراءً وتجدداً ومعنى، والتسامح سبب قوي للسلام وشرط أساسي للتصالح والاندماج مع المجتمع الإنساني الكبير. فعلينا الاقرار بمبدأ التعددية الدينية والفكرية والثقافية)22
فالاندماج مع المجتمع الإنساني يحتاج إلى التعايش (والمحبة، والحرص على الرحمة وعلى الإحسان في الأعمال وعلى الكائنات، والسعي في صنائع المعروف وأعمال البر، وتجنب العدوان على الأنفس والأعراض والأموال)23
الخاتمة
يرتبط التطرُّف بالجمود والانغلاق فهو منهج متحجر، معنوي الرؤية، لا يقبل التعايش معها ويؤثر التطرف في الفكر والسلوك، والمبالغة في الآراء والنتوء والمفكرين يدينون التطرف في المؤسسات التعليمية والتربوية. ويُعَد التطرف من المفاهيم التي انشغل بها الدارسون كثيراً في الآونة الأخيرة، ودار حول تحديده ومظاهره جدل عريض، نظراً لعدم قبول أي طرف، مهما كان، للتسمية به، ونظراً لتشكيك دلالته وكثرة استعمالاته بحسب المقاصد والمصالح المتباينة، ولا قيام لأمة دون حركة فكرية متأنية، موصولة الحلقات، ثابتة الخطى، والتَّعايشُ السلميُّ والحوار السلمي، هو سبيل التعارف وهو من الجوانب العملية والتواصلية ، في الأزمنة الوسيطة والمعاصرة، فهو حاضرٌ في مفاهيم التعارف، ومفهوم التعايش يتضمن حقَّ الفرد الإنساني والمجتمعات الإنسانية في المساواة والحرية وفي السنوات الأخيرة، حصلت المتغيرات في العالم العربي والاسلامي، حول حادث التطرف، وعدم قبول الآخر.
المصادر والمراجع
1 رضوان السيد ، التعايش والتعارف في الاسلام مفاهيم ميسرة ، شارك في إعداده نخبة من العلماء، والمثقفين من مختلف دول العالم الإسلامي 2022 ص14
2 رضوان السيد ، التعايش والتعارف في الاسلام مفاهيم ميسرة ، شارك في إعداده نخبة من العلماء، والمثقفين من مختلف دول العالم الإسلامي 2022 ص34
3 رضوان السيد ، التعايش والتعارف في الاسلام مفاهيم ميسرة ، شارك في إعداده نخبة من العلماء، والمثقفين من مختلف دول العالم الإسلامي 2022 ص32
4 رضوان السيد ، التعايش والتعارف في الاسلام مفاهيم ميسرة ، شارك في إعداده نخبة من العلماء، والمثقفين من مختلف دول العالم الإسلامي 2022 ص32
5 يوسف بن أحمد العثيمين التعايش والتعارف في الاسلام مفاهيم ميسرة ، شارك في إعداده نخبة من العلماء، والمثقفين من مختلف دول العالم الإسلامي 2022 ص11
6 يوسف بن أحمد العثيمين التعايش والتعارف في الاسلام مفاهيم ميسرة ، شارك في إعداده نخبة من العلماء، والمثقفين من مختلف دول العالم الإسلامي 2022 ص12
7 يوسف بن أحمد العثيمين التعايش والتعارف في الاسلام مفاهيم ميسرة ، شارك في إعداده نخبة من العلماء، والمثقفين من مختلف دول العالم الإسلامي 2022 ص9
9 محمد السَّمَّك التَّعارُفُ والوُدُّ في الإسلَام التعايش والتعارف في الاسلام مفاهيم ميسرة ، شارك في إعداده نخبة من العلماء، والمثقفين من مختلف دول العالم الإسلامي 2022 ص65
10 ص66
11 يحيَىٰ ولد البراء التعايش والتعارف في الاسلام مفاهيم ميسرة ، شارك في إعداده نخبة من العلماء، والمثقفين من مختلف دول العالم الإسلامي 2022 ص892
12. التعايش والتعارف في الاسلام مفاهيم ميسرة ، شارك في إعداده نخبة من العلماء، والمثقفين من مختلف دول العالم الإسلامي 2022 ص893
13. التعايش والتعارف في الاسلام مفاهيم ميسرة ، شارك في إعداده نخبة من العلماء، والمثقفين من مختلف دول العالم الإسلامي 2022 ص894
14. التعايش والتعارف في الاسلام مفاهيم ميسرة ، شارك في إعداده نخبة من العلماء، والمثقفين من مختلف دول العالم الإسلامي 2022 ص895
15 التعايش والتعارف في الاسلام مفاهيم ميسرة ، شارك في إعداده نخبة من العلماء، والمثقفين من مختلف دول العالم الإسلامي 2022 ص896
16 التعايش والتعارف في الاسلام مفاهيم ميسرة ، شارك في إعداده نخبة من العلماء، والمثقفين من مختلف دول العالم الإسلامي 2022 ص898
17 . التعايش والتعارف في الاسلام مفاهيم ميسرة ، شارك في إعداده نخبة من العلماء، والمثقفين من مختلف دول العالم الإسلامي 2022 ص899
18 التعايش والتعارف في الاسلام مفاهيم ميسرة ، شارك في إعداده نخبة من العلماء، والمثقفين من مختلف دول العالم الإسلامي 2022 ص903
19. التعايش والتعارف في الاسلام مفاهيم ميسرة ، شارك في إعداده نخبة من العلماء، والمثقفين من مختلف دول العالم الإسلامي 2022 ص905
20 التعايش والتعارف في الاسلام مفاهيم ميسرة ، شارك في إعداده نخبة من العلماء، والمثقفين من مختلف دول العالم الإسلامي 2022 ص906
21. التعايش والتعارف في الاسلام مفاهيم ميسرة ، شارك في إعداده نخبة من العلماء، والمثقفين من مختلف دول العالم الإسلامي 2022 ص907
.22 التعايش والتعارف في الاسلام مفاهيم ميسرة ، شارك في إعداده نخبة من العلماء، والمثقفين من مختلف دول العالم الإسلامي 2022 ص910
23. التعايش والتعارف في الاسلام مفاهيم ميسرة ، شارك في إعداده نخبة من العلماء، والمثقفين من مختلف دول العالم الإسلامي 2022 ص911
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. يمانيات مؤتمر يسلط الضوء على دور الصحفيات في تعزيز السلام
.. المحامية بهيئة مراكش حسناء بل بنار
.. عضو اتحاد العمل النساء نعيمة أقداد
.. في يومهن الوطني… مغربيات تستحضرن وضعية المرأة بين المطالب وا
.. رئيسة اتحاد العمل النسائي السابقة سعيدة الوادي