الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرحبا آذار

شفان شيخ علو

2023 / 3 / 4
المجتمع المدني


 
الشعوب معروفة بمناسباتها، بحوادثها المحزنة والمفرحة، وبأبطالها، ورموزها، وبها تسطّر تاريخها.
وفي هذا التاريخ هناك ما يبعث على الألم، وما يبعث على السرور. ولكل شعب ما يميّزه عن غيره من هذه الناحية. وبالنسبة لنا، نحن الشعب الكوردي، يبقى لهذا الشهر: شهر آذار، مكانة خاصة، لدى كل الكورد، وكما يعلم الذين يقرؤون تاريخه. آذار، الذي يقابل بالكوردية: الألم والوجع، لأننا كشعب عانينا ولازلنا نعاني الكثير من مظالم الأعداء، وفي هذا الشهر، هناك وقائع كثيرة، منها كارثة مجزرة حلبجه " 16 آذار 1988 "، لكن هناك انتفاضات للكورد في هذا الشهر كذلك" انتفاضة أهلنا في روجآ كوردستان في " 12 آذار 2004 "، ودون أن ننسى طبعاً ولادة ورحيل رمزنا القومي الخالد ملا مصطفى بارزاني، كما هو معروف لدى كل كوردي. فهو شهر فيه الفرح إلى جانب الحزن، وما يبعث على الفخار إلى جانب ما يبعث على الأسى.
ويمكن لأي كوردي أن يدرس التاريخ، ليجد أهمية هذا الشهر قديماً وحديثاً، وقبل كل شيء، حين تم اختيار " 21 " منه، عيد نوروز، يوماً عظيماً معبّراً عن هوية الكورد القومية . نعم، " 21 " آذار بداية الربيع، والربيع تفتُّح الحياة، وخروج الناس إلى الطبيعة وهي تخضر وتبهج، وهم يحتفلون في أحضانها، وكل شيء في الحياة يزهو ويضاعف النشاط.
ذلك ما يستحق الارتماء في أحضان طبيعة آذار، وألوان الحياة في آذار.
وإذا كنتُ أكتب عن آذار هنا، فتعبيراً عن تقديري لهذا التنوع فيه. وكيف أنه يزيد ثقة كل منا بنفسه وأهله وبني جلدته، ووطنه وجغرافيته كذلك. وهنا أتذكر ملحمة شاعرنا الكبيرأحمد خاني، وهي " مم وزين "، فهي في أبيات كثيرة منها تحتفل بجمال آذار، وروعة آذار، ووصف أفراح الناس وهم يستمتعون بروائع الطبيعة، ويقيمون أفراحاً مع بعضهم بعضاً .
ولهذا، فإن الذي يفكّر في معاني آذار، وما أكثرها وأجملها، يجدها كثيرة، وهي كلها تدعونا إلى أن نتفاءل، وأن نتفاعل مع بعضنا البعض، ولا نسمح لليأس أن يسيطر علينا، فنحن بحاجة إلى هذا الإيمان الذي لا بد منه برموزنا في التاريخ والطبيعة وفي ثقافتنا وفولكلورنا، وأغانينا، ويا لها من أغان ٍ كثيرة وتعلِمنا بكل ما يطرب ويقوّي إرادتنا في الحياة .
نعم، أنا أعيش روائع آذار، وهي حية دائماً في ذاكرتي، وكلما فكرت في شهرنا الجميل والعظيم هذا، كانت ثقتي بنفسي، وبكورديتي، وبشعبي، وبرموزي في العقيدة والقومية أكثر قوة. وإذا كان هناك من يرى نفسه مهموماً، لأن هناك واقعة في آذار تشهد بذلك، فإن هناك أياماً كثيرة، تقلب الهم فرحاً، وتدعو إلى الانطلاق إلى الطبيعة، وإلى الحياة، وإلى التعبير عن كورديته، وهو أكثر إيماناً بنفسه، وتجارب الحياة، والتاريخ، والشعوب هي التي تعلّمنا بذلك، وليس هناك من يكون محل تقدير من الآخرين، حين يتخلى عن مثل هذه الروابط القوية، مهما كانت أسبابه، خاصة، حين يراهم متمسكين برموزهم، وثقافتهم، ولغتهم، ومناسباتهم وأعيادهم الوطنية والقومية ! فهل أنا أقل منهم مفخرة ؟
لهذا، أقول وأكرر ما أقوله، وأنا مؤمن بما أقول، من القلب والعقل معا: مرحباً مرحباً آذار !
 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال مرشحة للرئاسة الأمريكية في احتجاجات داعمة لغزة


.. نشرة الرابعة | اتفاقيات سعودية أميركية -قريبا-.. وعمليات -سع




.. سيناريو إصدار مذكرة اعتقال دولية بحق نتنياهو


.. سباق مع الزمن لتفادي المجاعة في قطاع غزة • فرانس 24




.. اعتقال عنيف لمؤيدين لفلسطين في جامعة -السوربون- الفرنسية #سو