الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعضا من الارتجال لا يفسد للعلم قضية (4)

أميرة أحمد عبد العزيز

2023 / 3 / 16
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


كانت أفضل مرحلة في التعليم ويمكن في عمري كله "مرحلة الثانوي العام" في (مدرسة العباسية التجريبية بنات)، كان يسبقها صداقات طياري، وخليط عجيب من البشر، وأحلام لم تجد لها متنفسا.
أما مرحلة الثانوي العام، خرجت منها بأقرب وأعز صديقة، وخرجت منها بذكريات هي الأجمل في حياتي، حتى بأخطائها تظل هي الأجمل والأفضل، ولولا ما وصلت له من نضج التجربة لكنت تمنيت أن أعود لها، ونضج التجربة هو ما جعلنا أدرك قيمتها.
كان بها بعض السمات، فكلنا تقريبا من أبناء الطبقة المتوسطة بسماتها العامة المتعارف عليها وقتها -فترة نهاية التسعينات تقريبا- مشاكلنا وظروفنا وحتى أخطاءنا متقاربة وفي بينها خط رابط، وفي هذه الفترة كانت مصر تعيش مرحلة خصخصة الشركات التي بدأت في الثمانينات، ولكن لم يظهر بعد أثرها الشديد على الطبقة المتوسطة، سواء اقتصاديا أو أخلاقيا، لكن طبعا كان الأثر الاقتصادي سابق الأخلاقي.
في مدرستنا كان يوجد أنشطة -لا أجدها اليوم في مدارس خاصة أو مدارس أعلي في الدرجة المالية من الخاصة-، من هذه الأنشطة التي كانت بمدرستنا (المسرح)، مع العلم أن ليس فقط مدرستنا التي كان بها مسرح، فالمدارس التي شاركت معنا في هذا النشاط على مستوي الإدارة من بنات وبنين –على حد علمي أغلبها- كان بها مسرح ومنها مسارح كبيرة. وكان يوجد أيضا من الأنشطة (المكتبة والخدمة الاجتماعية والإذاعة المدرسية)، وشاركت في هذا كله بقدر، وكونت من الإذاعة المدرسية والمكتبة والخدمة الاجتماعية صداقة وصحبة.
والدي توفي يوم نتيجتي في أولي ثانوي، وقبل وفاته حدث أن شركة (شاهر سنترلك) بيعت في الخصخصة، وكان هو محاسب فيها، وأتذكر دورها في حياتنا.
ووفاة والدي كان عن عمر 40 سنة تقريبا لمرض وليس بسبب أصيل له علاقة بخصخصة الشركة، برغم أن والدتي ترجع أحد أسباب سوء حالته لبيع الشركة الذي قضي فيها شبابه، وكان يعتبرها شركته واعتقد أنها كانت تمثل له جانب كبير جدا عزيز وغالي في حياته.
من الممكن أن تكون ظروفي ومشاهدتي وذكرياتي هذه، هي السبب في أني ألمس التناقض في الواقع المعاش وأشعر به.
ليس بالضرورة أن نشعر ونعي جميعا مثل بعضنا البعض حتى بمرورنا بمثل ذات التجارب، وفي اعتقادي -أنه للأسف- بيننا من يري كل تراجع تتطور، ويحسبه تغير اجتماعي طبيعي وعلينا أن نتأقلم ونتكيف معه، يبدو كمن يفكر على طريقة الحرباء، لكن الحقيقة إن هذا لن يكون إلا على طريقة الضفدع الذي حاول أن يتكيف مع الماء الساخن حتى مات في صمت.
لا أحد يتحمل الخطأ غيري، ومثلي وغيري الكثير، نحن الذي من فقدنا البوصلة وضاعت أحلامنا وضيعناها بمجرد دخولنا الجامعة، ثم وكأننا مع التراجع الاجتماعي كنا نحاول أن نتأقلم معه، حتى صحو فينا ماضينا وأدركنا كم التناقض حين اشتد وظهرت نتائجه علينا وعلى الواقع حولنا. فصرنا نرفضه بشده، ونريد التغيير.
لا يعني هذا أن نقف عن العمل والاجتهاد بالممكن في ظل الواقع، فلا أحد يستطيع هذا، لكن مع إدراكنا ووعينا بالتناقض حتى لا نموت في صمت.
فلقد حدث تراجع عن مكتسبات اقتصادية واجتماعية للمواطنين لصالح أقلية من سلطة ورأسماليين عرب ومصريين وأجانب، وأصبح التعليم والتربية سلعة، وصار الربح هو الأساس والمزيد من الربح الذي جعل المدارس والتعليم بكلفة عالية، وفي المقابل لا يوجد بها أنشطة مثل المسرح وغيره لأبنائنا، وإن طلب هذا يصبح بمزيد من الأموال وناتج رديء مثل كل شيء محيط بنا، ولقد صار الكل ملتهي بحاله ولا يوجد خطوط ترابط بين أبناء الشعب غير المادة.
علينا ألا ننظر لهذا كله باعتباره يمثل خطوات للأمام، بل إنها رجعية شديدة عن خطوات تقدمية، تلك الخطوات التقدمية التي لم تكن أفضل الممكن وبها ذلات كان علينا تخطيها بدلا من هدم الخطوات التقدمية نفسها.
وحتى لا تصعب علينا وعلى الأجيال القادمة، يجب أن نبدأ الحركة نحو إزالة العقبات التي تحول دون اقتصاد ديمقراطي اشتراكي يهدف لتحقيق احتياجات الأغلبية المادية والمعنوية وليس امتيازات للأقلية والسلطة والأجانب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. كتيبات حول -التربية الجنسية- تثير موجة من الغضب • فرا


.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتفض اعتصام المؤيد




.. بصفقة مع حركة حماس أو بدونها.. نتنياهو مصمم على اجتياح رفح و


.. شاهد ما قاله رياض منصور عن -إخراج الفلسطينيين- من رفح والضفة




.. نتنياهو يؤكد أن عملية رفح ستتم -باتفاق أو بدونه-