الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ردآ على شيخ الأزهر

أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .

(Ahmad Hamdy Sabbah)

2023 / 4 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ردآ على شيخ الأزهر الذي يقول فلنستمر في ممارسة شعائرنا كما تعودنا ودعونا نذبح الأضاحي ونحج براحتنا ، ويرى أن القول بالطواف حول الفقراء كبديل عن الطواف حول الكعبة وأن لقمة في فم جائع أفضل من بناء ألف جامع إنما يعد كل ذلك من قبيل الكلام المفخخ والخادع والهدام وكيد للدين. !!!

أما الرد فبالنسبة لمن يرغب في فعل الخير، فالتبرع والتصدق بالمال أولى وأفضل من الذبح، فقديمآ حين سنت شريعة التصدق بالذبح كان المجتمع فقيرآ وجاهلا ومتخلفآ وطبيعة الحياة محدودة فلو كان أحدهم مريضآ حتى لو كان غنيآ ناهيك عن الفقير فلم يكن هناك طب حقيقي ومستشفيات وأشعة وتحاليل وغير ذلك من أوجه صرف المال فكان الناس لا يملكون له الا الدعاء.

وكذلك لم توجد حاجات استجدت وفقا لتطور المجتمع بعد ذلك كمصاريف التعليم مثلا لا حصرا، ناهينا عن غير ذلك من مستلزمات وأمور المعاش والحياة وفك الكرب والأزمات وغير ذلك ،فيصبح هنا التبرع بالأموال أفضل وأكرم فمن احتاج شراء طعام أو لحم فليفعل ومن كانت حائجته أهم وأنكى فسينفق عليها ويفك كربته ويعول حاجته أيآ كانت، وفي النهاية تحقق الخير والسلام والأمل.

أما موضوع أنه يجب أن نطوف حول الفقراء فهذه حقيقة يجب التسليم بها، لأنه وفقآ للواقع اليوم أصبحت تكاليف الحج المادية ولا أقول الصحية والجسدية أصبحت مبالغ فيها وخضعت بشكل لا يرضي الله أبدآ لقواعد الاحتكار والجشع والاستغلال من الغالبية العظمى من مؤسسات وشركات التنظيم خاضعة لقواعد العرض والطلب بل أصبحت شعيرة الاه تعرف باسم سياحة الحج لتبرير هذه الأموال المهولة التي تدفع فيها والتي ما أنزل الله بها من سلطان والحجة أن الحج أصلا لمن استطاع اليه سبيلا مع ان هذه الآية تتعلق بالاستطاعة الصحية والجسدية فكلفة الحج المالية كانت منذ شرعها الله حتى وقت قريب تعتبر ما بين زهيدة ومعقولة وكان كثيرآ من متوسطي الحال بل وكثير ممن هم أقل منهم أيضآ كانوا يؤدونها.

ولكنها اليوم تحولت لتجارة وأرباح بالمليارات وإصرار على عدم تطوير الفهم والنظر الى شريعة الحج من حيث وقتها من منظور إصلاحي يتناسب مع مقتضيات العصر وتطوره وعدم حصرها في أيام معدودات بعد أن كانت أشهر معلومات لاعتبارات الحروب والاقتتالات القبلية وقطاع الطرق ومسيرات قوافل الحج فحصرها الله جل ثناؤه في أشهر حرم معلومات حولوها لأيام معدودات على الرغم أن الحج في زماننا هذا يجب أن يكون متاحآ طيلة العام بعد أن تغيرت الأحوال والظروف واختفت الأسباب والظروف التي لأجلها حدد الله الحج بأشهر حرم معلومات لتأمن قوافل الحجيج على نفسها فيه في ذاك الزمن.

فلا يمكن أبدآ القبول بإنفاق هذه المليارات وذاك البذخ الذي لا يرضي الله بدءآ بنفقات حج لا يصدقها عقل حتى أصبح من يذهب الى الحج يعاني من نظرات الحقد والحسد حتى من بعض أو أغلب أقاربه وأصدقائه ، مرورآ صناعة ستائر للكعبة بخيوط من ذهب وأقمشة غارقة في الغلو مثلما لا يرضي الله كذلك أن ننفق مليارات ومليارات لتصميم وانشاء مساجد تحوي أكبر الثريات وأعلى المنابر وأفخم السجاجيد لنطوف ونركع ونسجد داعين الله لأن يعين الفقراء والمساكين ويهون عليهم شظف العيش ونار الغلاء ويطعمهم ويقيهم من العوز و التشرد والبطالة ويشفيهم من السقم والمرض ويخرجهم من ظلمات الجهل الى نور العلم و المعرفة.

بل ان كل ذلك يعد اساءة للدين نفسه، ففي النهاية طالما اختار أحدهم أن ينفق ماله في سبيل الله فليتحرى السبيل الذي يفيد المجتمع ويدفعه درجة أو درجات للأمام فالحاج الذي ينفق على نفسه وزوجته مثلآ اليوم وفقآ لأسعار الحج الحالية مئات ومئات الآلاف من الجنيهات يجب أن يتفكر أنه بعد عودته من الحج سيعود الى مجتمع بائس فقير يعج بالآلام والبكائيات وفقدان الآمال، مجتمع يغرق في مستنقعات الحقد والكراهية، إلى مجتمع تنخره الجريمة ويعيث فيه الفساد لدروك سيخشى فيها على نفسه وعلى أسرته فإما أن يصبح جزءآ من هذه المنظومة لاتقاء شرها وإما اعتزالها فسلبية ونكوص وانزواء وإما مقاومة تنتهي في أغلب أحوالها لأن يكون رقمآ مضافآ جديدآ من الضحايا، لينتج عن ذلك في غالب الأحوال أنه ما أغنت حجته عنه ولا عن المجتمع شيئآ.

صحيح أن ليس بأموال الحج وحدها ستحيا الأمم، ولكن على الأقل ألا يكون الحجيج شركاء في حرمان المجتمع من مساهماتهم في تطويره وتطوره، في مسح دموع المحتاجين، في معاونة الفقراء والمساكين، في دعم الدولة عبر صناديق عامة لتمويل مشاريع الاسكان وبناء المدارس والجامعات ومراكز البحث العلمي والمستشفيات، في تمويل صناديق مخصصة لعلاج المرضى الغير قادرين فلايموت أو حتى يتألم أحدهم لمجرد أنه لا يمتلك ثمن العلاج، في تمويل وتطوير وتحديث دور الأيتام والمسنين وتوفير حياة كريمة ولائقة لهم، في تمويل مؤسسات وصناديق خاصة تُعنى باستصلاح الأراضي وانشاء صناعات صغيرة توفر فرص عمل وإطعام وإسكان لآلاف من الفقراء والمحتاجين وتدعم اقتصاد البلاد وتقلل من الاستيراد وبالتالي ترفع من قيمة العملة وبالتالي تقلل الأسعار وترفع من مستويات معيشة الناس.... الخ من أوجه الخير فيكون الناس أقرب الى الله لأنهم طافوا حول الفقراء قبل أن يطوفوا حول كعبته.

وأيضآ في تمويل مؤسسات وصناديق خاصة تُعنى باستصلاح الأراضي وانشاء صناعات صغيرة توفر فرص عمل وإطعام وإسكان لآلاف من الفقراء والمحتاجين وتدعم اقتصاد البلاد وتقلل من الاستيراد وبالتالي ترفع من قيمة العملة وبالتالي تقلل الأسعار وترفع من مستويات معيشة الناس.... الخ من أوجه الخير فيكون الناس أقرب الى الله لأنهم طافوا حول الفقراء قبل أن يطوفوا حول كعبته.

أو كما قال الكاتب العظيم جلال عامر رحمه الله
يا إلهي كل هؤلاء الحجاج في المطارات
وكل هؤلاء المعتمرون في الموانئ
وكل هؤلاء المصلون في الشوارع
وكل هذه السرقات في البلد !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah


.. 104-Al-Baqarah




.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في