الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النوع الإجتماعي وجرائم التطرف

رائد عبيس

2023 / 8 / 9
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إحدى أهم مشاكل فهم التطرف والتطرف العنيف , هو تداخل مفاهيمه مع جملة من الأبعاد المعرفية, والأخلاقية, والسياسية, والدينية, والإجتماعية, والإقتصادية والإنثروبولوجية , والسايكولوجية, والتعليمية, فضلاً عن الإستراتيجيات, والدراسات المستقبلية, وكل بُعداً آخر يتشكل منه منظور معين في إتجاه ما .
يُمثل موضوع النوع الإجتماعي "الجندر" أحد هذه الأشكاليات ذات البعد المزدوج في ظهور التطرف, أو الحد منه, ولعل البعد الأهم في الدراسات الجنسانية, هو تحديد الدوافع من كل فعل على أساس البايولوجيا والسايكولوجيا لدى الفرد, ذكر كان أم أنثى .
فما علاقة النوع الإجتماعي بالتطرف ؟
لتحديد هذه العلاقة يجب طرح تساؤلات أخرى , مثل : هل التطرف كفعل من أختصاص الرجل فقط ؟ هل التطرف الرجالي هو أكثر حدة, وقسوة, وعنفية, من التطرف النسوي ؟ هل دوافع الرجال للتطرف أكثر من النساء ؟ وهل المرأة أقل إندفاع للتطرف ؟ ولماذا ؟ وماذا لو كانت النساء تحمل دوافع تطرفية ؟ وكيف تفسر ؟
وكيف نفسر تطرف نوع إتجاه نوع آخر , مثل : تطرف الرجال ضد النساء, أو النساء ضد الرجال ؟ أو التطرف ضد النوع الثالث "المتحولين" جنسياً ؟ التي تسمح بها ثقافة النوع الإجتماعي, و تدعو إلى قبولهم , وعم التعرض لهم بمواقف متطرفة !
بالتأكيد إن إجابة هذه التساؤلات تتطلب الخروج عن التكوين الطبيعي لعلاقة النوع الإجتماعي الرجل والمرأة " كثنائي أسري " والبحث عن مدارات التطرف وعنفه في السوك الإجتماعي لهما, والتفاعل المقبول أو عدمه, لدور الرجل والمرأة في الأوساط الإجتماعية المختلفة.

هل ثقافة النوع الإجتماعي تدفع بالتطرف أم تحد منه ؟

عملت برامج وسياسات تابعة للأمم المتحدة, وبعض المنظمات الدولية إلى التعريف بأهمية تعزيز سياسة المساواة بين النوع الإجتماعي البشري, للحد من التطرف وردود أفعاله, بعض المجتمعات تقبلته تبعاً لحجم مشاكلها, في هذا الموضوع, مثل : الكاميرون, والنيجر, والصومال, والسودان, ودول أخرى رفضته وعدته تجاوز للقيم السائدة فيها , مثل : بعض بلدان الشرق الأوسط, منها؛ لبنان و العراق .
وذكر هذه الأمثلة من العالم الثالث, لا يعني أن الأمر يقتصر على هذه البلدان فقط , بل المشكلة أوسع بين مجتمعات العالم.
وبما أن المشروع هو تنموي, وسياسة احتواء, لكل الأفكار, وردود الأفعال, بين علاقة النوع الإجتماعي, وتنامي التطرف, والإرهاب, أو تبنيه, ودعمه, بين النساء والرجال وانجذاب أحدهما أكثر من الآخر, كما ظهر بوضوح أبان صعود تنظيم داعش ككيان إرهابي متطرف, إلا أنه يبقى ذات دوافع مزدوجة, فقد فُهِمَ كذلك في أغلب المجتمعات المحافظة دينياً, و إجتماعياً, بكونه مشروع يحمل أبعاد خطيرة منفتحة على التحررية التي تتعارض مع القيم والشرع , لا سيما في موضوع الحريات الجنسية, والمساواة بين الجنسين, وحرية التحول الجنسي, أو حرية مزدوجي الميل الجنسي, أو حرية إظهار الصفات الجنسية , وحرية الشواذ من النساء والرجال.
في الوقت الذي يدافع فيه مشروع وسياسة النوع الإجتماعي المتبنى من قبل الأمم المتحدة, والمنظمات الدولية, عن هذه المفاهيم ومصاديقها بين المجتمعات للحد من التطرف, والتطرف العنيف , تبرز كذلك ردود أفعال معارضة لهذه الأفكار , تحمل دوافع متطرفة, وعنيفة, إزاء من يعلن عن رغبته في تبنيها فكراً وسلوكاً.
فالمجتمع العراقي مثلاً لا يتقبل مغايري الجنس , ولا يتقبل متحوليه , ولا يتقبل من يحمل صفات الأنثى من الرجال "المخنث" ولا يمكن أن يتقبل بتمكين المرأة على حساب رجولته, والأوساط الإجتماعية المحافظة وتقاليديها.
تعتقد كثير من واضعي سياسة هذا المشروع, أن تثبيتها سيسهم في الحد من التطرف بين مجتمعات العالم , ولكن نقول إن هذه المشاريع لا يمكن أن تنجح في ظل ثقافة كل البلدان, لا سيما ثقافة بلدان الشرق الأوسط, والعراق على نحو خاص, فالملاحظ أن من يعلن عن تبنيها يصف بالشواذ, ومن يعلن عن ممارستها يكون نصيبه القتل , فنكون عندها ساهمنا بظهور التطرف, من حديث سياسة الحد منه ! وبهذا تكون النتائج عكسية وردود الفعل قاسية وعنيفة.
كما حدث في العراق اتجاه موضوع "الجندر" النوع الاجتماعي , فقد تصدت منابر حسينية , ومواقع التواصل الإجتماعي, والفضائيات , ومكاتب رجال دين , وفقهاء, ومتشرعين , وإكاديميين , ومثقفين, إلى ما وصف بإنه "مشروع السفارات" الذي يهدف إلى تدمير البنية الطبيعية للنوع البشري, وخروجه عن حدود هذه الطبيعية , فمن غير العقل قياس الشواذ على القاعدة العامة للطبيعة البشرية التي تتعامل مع الفطرة.
وفيما لو بدأت مظاهر هذا المشروع تظهر للعلن في العراق , نتوقع لها تزايد مظاهر العنف, إتجاه من يروج لها, ويتبناها, ويمارسها, وهذا جواب لسؤالنا المتقدم, هل النوع الاجتماعي فعلاً يحد من التطرف أم يزيد منه ؟ وقد أتخذت لهذا بعض المُؤسسات, والوزارات إجراءات وقائية عن ردود الأفعال الرافضة له إلى إصدار كتب إدارية ملزمة, بعدم تداول مصطلح "النوع الاجتماعي" بما يحمل من مضامين مرفوضة أخلاقياً, وشرعياً, بكونه يتجاوز الحديث عن الثنائي البشري "الرجل والمرأة" ويخترق المألوف ويتجاوز القيم .
وهنا يكون العنف متقابل بين من يرفضه, وبين من يؤيده , وبين من يروج له ويدفع بتطبيق سياسته , كما رأينا في العراق كيف أخذ الموضوع بعداً سياسياً بين أطراف صرحت به, وبين جهات رافضة للحديث فيه. ولا يستبعد إن يكون هناك تطرف سياسي ناشئ ,جراء هذا الموضوع بين خصوم سياسيين, أو بين فئات اجتماعية معينة.
وبين أصل هذه المشاكل , يكون من السهولة تبني التطرف بين الفئات المشمولة ببرنامج النوع الإجتماعي من الرجال, والنساء, والفتيات, والفتيان, والمتحولين, والشاذين والمزدوجين, ومدعي الحقوق, والمساوات, والإنفتاح, والتحرر. ويكونوا عرضة لمشاريع معارضة أخرى من قبل التنظيمات المتطرفة التي تتخذ من هذه المشاكل أدوات لأختراق المجتمعات المستهدفة, لعودتهم إلى أصولياتهم, وراديكاليتهم, إتجاه هذه الأفكار والمتبنيات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة وصفقة تبادل.. تعثر قد ينذر بانفجار| #غرفة_الأخبار


.. إيران والمنطقة.. الاختيار بين الاندماج أو العزلة| #غرفة_الأخ




.. نتنياهو: اجتياح رفح سيتم قريبا سواء تم التوصل لاتفاق أم لا


.. بلينكن يعلن موعد جاهزية -الرصيف العائم- في غزة




.. بن غفير: نتنياهو وعدني بأن إسرائيل ستدخل رفح وأن الحرب لن تن