الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فالح مهدي ونقد المشاعر في الحيز الدائري لتاريخ الخوف (الحلقة الثانية)

نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)

2023 / 11 / 18
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


لا ننسى إن الدكتور فالح مهدي قد سلط الضوء في كتابه هذا على (الذاكرة والزمن، والخوف الأعظم من الموت، والخوف الأكبر من الجحيم ويوم القيامة، ودور الخطيئة في صناعة الخوف، وكيفية الخروج من الخوف). والكتاب هو عبارة عن بحث علمي تاريخي اجتماعي دقيق في تاريخ الخوف منذ القِدَم، وقد بحث الدكتور المؤلف بشكل دقيق في (الزمن الرافديني السهمي، والزمني الدئري الذي أخذ به الهند والصين واليونان والهندوس والبوذية التي تصور الزمن على شكل دائرة). وينقل لنا الدكتور رأي الإنسان الرافديني على أن (مصير العلم الفناء لا محالة، لكنه سينتقل إلى عالم آخر هو العالم الأبدي وفق مفهوم الجنة والنار)ص27. أما المجتمع اليهودي في بابل فقد اخذ الزمن من البابليين وتمكنوا بعد تأثرهم بالزرادشتية وهي بنت الثقافة الرافدينية من صناعة موضوع الجنة والنار. أما موضوع الحياة والموت فقد أخذه العبريون من العراقيين القدماء والمصريين. ومن يرغب بمتابعة ذلك مراجعة سفر حزقيال، (فهو ابن بابل، وقد سرق ما وجده ونسبه إلى نفسه كمن يتعلم في فرنسا ويتثقف في القرن التاسع عشر فينسب كل شيء إلى نفسه وإلى بؤس ما جاء به، بعد أن وجد أن تلك الحضارة قد ماتت ولا ضير من سرقة أشعار رامبو وبودلير كما هي) ص28. ولذلك نجد أن مفهوم الحساب قد ولد متأخراً فالحياة في الديانات التوحيدية عبارة عن رحلة تعبّد تبدأ بنقطة وتنتهي بنقطة. مع الابتعاد عن المتعة والالتزام بالعبادة، أما العذاب والألم في الدنيا فهما ليس من دون أمر الله، لذا يجب قبول العذاب بالألم في هذه الدنيا، وان جهوده لن تذهب سدى بل سستم مكافأته بجنة عرضها السموات والأرض. ص29. لذا وجب على البشرية في الديانات التوحيدية قبول العذاب والألم في الدنيا للحصول على حياتهم الأخروية في الجنة.
أما الزمن في الهندوسية كما يراها الدكتور المؤلف فهي تتمثل بالزمن الدائري الشكل ويمثل الحركة المطلقة غير القابلة لأية تسوية، وهنا ينتصر الرب (شيفا) و(الكاليكا) ويعني عصر الدمار والهدم، واكبر مشكلة تواجهه هي الحفاظ على النظام الكوني واستقامة العمل وكلاهما مرتبط بالآخر بالفكر الهندي، والزمن (الكالي) قد دخله الإنسان حوالي 3200 سنة قبل ولادة المسيح أي يوم ولادة (كرشنا).
ويؤلد الدكتور فالح مهدي (أن ادبيات نهاية العالم متشابهة في كل ثقافات العالم القديم سهمية كانت كالتوحيدية أو دائرية تدور كما تدور العجلة كالديانة الهندوسية. وتذهب إحدى الأساطير إلى أن ظهور الموسيقى كانت أولاً في البادية، على شكل سلسلة من اهتزازات منتظمة وعلى موجات عبر ازمان سحيقة) ص31. أما الكون في الأساطير القديمة وخاصة الهندوسية هي عبارة عن بيضة، وهذا ما تؤكده الديانة الإيزيدية، ولما انفجرت ولد كائن اطلق عليه (براجاباتني). ولكن عندما هبط هذا الكائن إلى الأرض.
أما الزمن وفق المعتقد السومري والأكدي كما يذكر الدكتور المؤلف وقد أخذت به الديانات التوحيدية هو عبارة عن سهم ينطلق من نقطة ويتوقف في آخر المطاف عند النقطة المقررة لهذا السهم من قبل الرب أو الأرباب ص34. وهذا ما تراه الحضارة المصرية القديمة عن الزمن وهو زمن السهم، كما يدل على ذلك أن الرب المصري هو من يقرر الخلود أو الموت. أما الأغريق فيرون أن ليس هناك بداية ونهاية لهذا العالم.
فالكتاب بصورة عامة شكل منهاج بحث لتطويق ظاهرة الخوف في الثقافات الشرقية، وتبدو أهداف الباحث مبنية عن أهمية الإشكال الذي يخوضه ما يمثله المقدّس وما يفرضه ميدان البحث العلمي من مواقف، كما شكل الكتاب جذور الخوف وتطوره وارتباطه بعدة عوامل صاغته مظاهر حضارية متشبعة بالبعد مأساوية أسسته المقدّس، وبشكل عام ما يميّز الكتاب هو قدرة الدكتور فالح مهدي على الربط بين العلمي والسياسي والثقافي والسياسي في أسلوب الجمع بين صرامة البحث العلمي والطرافة الأدبية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات بحث تحت الأنقاض وسط دمار بمربع سكني بمخيم النصيرات في


.. مظاهرات في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وإعادة المحتجز




.. رغم المضايقات والترهيب.. حراك طلابي متصاعد في الجامعات الأمر


.. 10 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في حي النصر شمال مدينة




.. حزب الله يعلن قصف مستوطنات إسرائيلية بعشرات صواريخ الكاتيوشا