الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشروع الحضاري والخطيئة الأصلية: ربع قرن علي الإنقلاب علي العرّاب!!

محمد الصادق

2024 / 3 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قرارات ٤ رمضان كانت مفاجأة للجميع، وربما حتي الآن وبعد مضي ربع قرن لا يزال كثير من الاسلاميين بالداخل والخارج غير مصدقين تنحية الترابي من المشهد بتلك السهولة، لأن الرجل كان عراب المشروع الحضاري، وكان هو المرجع الفكري ومصدر الالهام الروحي لذلك المشروع، وحتي بعد خروجه من الحكومة ظل ممسكا بزمام المبادرة وسط تباينات فكرية وسياسية واسعة، وضغوط اقليمية ودولية، وتنازعات داخلية وطموحات للكثيرين بإزاحة السلطة القائمة والاحلال مكانها.
خصوم الترابي سخروا من ابعاده وقالوا ان الأنقاذ اكلت اباها، وقالوا ان الترابي ذاق من نفس الكأس التي سقاهم منها في ٨٩.

الترابي ارجع سبب ابعاده لخيانة البعض، وتخليهم عن المبادئ والثوابت المتفق عليها.
أعقب خروج العرّاب انشقاقات كثيرة، ونشأت تكوينات تطالب بالسلطة والثروة وتحقيق العدالة، وقد وجه المنشقون انتقادات خطيرة للحكومة واتهموا المؤتمر الوطني بأنه اصبح يدير البلاد بعقلية امنية، وان الحزب اصبح حزب مصالح وبه تيارات متصارعة، ولذلك افتقد القدرة والاهلية في صناعة المبادرات والقرارات، حيث لم تعد هناك مؤسسات تتخذ القرار.

وعندما برزت الضغوط الاقتصادية والضغوط الدولية عقب نشوء التحالف الدولي والاقليمي لمكافحة الارهاب، طرحت الحكومة حوار الوثبة عقب هبة الجماهير في سبتمبر ٢٠١٣، وقد ركز الحوار علي قضايا الحريات والعدالة الاجتماعية وتحقيق السلام عبر مشاركة جميع القوي السياسية، وهذا هو الخط الذي كان ينتهجه الترابي حتي قبل الإطاحة به، فقد كان يدعو الي بسط الحريات وتطبيق نظام فيدرالي يتيح مزيدا من السلطة والمال للولايات.
لقي الحوار دعم دولي من امريكا واوروبا ودول الخليج والاتحاد الافريقي، وفعلا نجح الحوار واكد بعض الخبراء ان المخرجات جاءت اقوي من المتوقع، وان التوصيات كانت شاملة وكفيلة بتجنيب البلاد الانزلاق في مهاوي الفتنة التي انزلقت اليها بعض بلدان المنطقة، لكن لم تجد المخرجات سبيلا للتنفيذ، بسبب وجود معارضة من المتشددين داخل المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية. لقد كان الترابي ينتمي الي المدرسة الوسطية، بل كان يتهم بأنه ليبرالي، وقد أدي خروجه الي تمدد الفكر المتشدد، واصبحت التيارات السلفية تغطي مساحة واسعة جدا من الحياة العامة، وهي التي كانت في خصومة مع الترابي، فكلنا يذكر الخطاب الشديد اللهجة الذي وجهه ابن باز للترابي بسبب فتاويه عن المرأة وحكم الردة، وكذلك نذكر محاولة بعض العلماء تقديم الترابي لمحاكمته بالردة في ٢٠٠٦.
لم يمض عامان علي رحيل الترابي حتي بدأت ثورة عارمة علي السلطة القائمة، فلم يشهد الترابي ثورة الشباب علي النظام الذي ارسي قواعده، والذي كان في آخر حياته متخوفا مما سيحل بالبلاد بعده.

الترابي كان يردد دائما انه تاب من الانقلابات، وفعلا كان امرا مستغربا ان يدبر انقلابا علي نظام ديمقراطي كان مشاركا فيه، وكان حزبه ذا ثقل جاهيري متنامي، حيث كان الناس يدخلون فيه افواجا. ولكن لسخرية الاقدار لم يتعظ ابناؤه من ذلك الخطأ الإستراتيجي، فاستعجلوا النتائج وارتكبوا نفس الخطأ، فانقلبوا علي مخرجات الحوار، مما ارجع الناس خطوات عديدة الي الوراء، وادخل البلاد في نفق مظلم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج