الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أصل الاستبداد الإسلاموي
ياسين المصري
2024 / 11 / 3العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تحدث الكثير من الكتاب والمفكرين والفلاسفة عبر العالم عن الاستبداد بوجه عام والاستبداد الشرقي بوجه خاص، وذلك لأن السلطة الاستبدادية في الشرق كانت ولا زالت هي القاعدة خلال العصور والأزمنة، فعلى سبيل المثال رأى الفيلسوف اليوناني ارسطو (384 ق م - 322 ق م) في وقت مبكر أن الاستبداد يكمن في الشرق بسبب أن الشعوب الآسيوية (التي يصفها بالبرابرة) تميل بطبيعتها للاستبداد «لأنهم عبيد بالطبيعة»؛ بحسب قوله. ويقول إن « البرابرة أكثر خنوعا بطبيعتهم من الإغريق، والآسيويين أكثر خنوعاً من الأوروبيين، ومن هنا فإنهم يحتملون الحكم الاستبدادي دونما احتجاج…، هذه الملكيات شبيهة بالطغيان إلا أن أوضاعها مستقرة لأنها وراثية وشرعية».
كما ذهب الفيلسوف الألماني هيجل ( 1770 - 1831م) إلى أن الشعوب الشرقية: « ليس لديها عن نفسها إلا أسوأ المشاعر، فهي لم تُخلَق إلا لجرّ عربة الإمبراطور، وهذا قدَرها المحتوم، وعاداتها وتقاليدها وسلوكها اليومي تدل على مبلغ ضآلة الاحترام الذي تكنه لنفسها كَبَشَرٍ».
بينما اقترب الشيخ السوري عبد الرحمن الكواكبي (1855 - 1903م)، قليلًا من الحقيقة في كتابه الشهير ”طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد“، فقال: « إن الاستبداد الديني يولِّد الاستبداد السياسي»، الذي وصفه بأنه استبداد الجهل على العلم واستبداد النقل على العقل. وهو بطبيعة الحال كان يقصد الدين الإسلاموي والحكام المتأسلمين على مر العصور.
وفي عام 1995 نشر عالم الاجتماع العراقي الدكتور على الوردي كتابه ”وعَّاظ السلاطين“. تناول فيه نقد واضح لرجال الدين الذين يعظون الحكام، ويقولون ما لا يفعلون، وذلك لأن الطغاة والحكام المستبدين يجدون في أقوالهم ما يبحثون عنه لإلهاء رعيتهم وتخويفهم. وذكر الوردي أن الشعوب تترسخ في أذهانها معتقدات خاطئة حول الإنسان بأنه كائن عاقل وحر ويحتاج إلى التعامل معه بالمنطق المجرد، حتى يسير في الطريق الصحيح، ومن هذا المنطلق بدأ الوعاظ في الإكثار من النصائح الإرشادية اعتقادا منهم بدورها الفعال في تغيير الطبيعة البشرية، ولكنها تأتي بنتائج عديمة الجدوى، والأهم من ذلك نفاق الوعاظ البيِّن في منهج الوعظ المتبع، حيث اعتادوا على تقديم الوعظ والنصح للمظلومين وترك الظالمين وللفقراء وليس الأغنياء، والعوام من الناس دون الخواص، ومن هنا اتخذهم الحكام والمستبدين سلاحًا ووسيلة ضد البشرية لانذارهم بعذاب الآخرة.
وخلص الوردي من أبحاثه الاجتماعية العديدة إلى أن العرب هم من أكثر الشعوب حبا للوعظ والنصائح، وأن الوعاظ والشعراء والكتاب الذين تقع على عاتقهم مسئولية تنظيف النفوس البشرية من عوامل الحقد والأنانية والنفاق هم أنفسهم بحاجة إلى التخلص من هذه الأمراض الضغينة لأنهم أكثر أنانية ونفاقا من غيرهم.
أمَّا المفكر المغربي الراحل الدكتور محمد عابد الجابري (1935 - 2010)، الذي وصفه بعض الكتاب بأنه فيلسوف في قبضة الفقهاء،
https://www.raya.com/2007/10/14/محمد-عابد-الجابري-فيلسوف-في-قبضة-الفقه/
فقد خالف الحقيقة، حين أُعْجِب - مثلما يُعجَب السلفيون - بسيد قطب من كتابه (معالم في الطريق)، ووصفه بأنه من « جيل القرآن الفريد»، وأشاد به بصفته « النموذج الأمثل» الذي « برزت كثير من ملامحه خلال مرحلة الدعوة المحمدية». كما يعتبر الجابري مرحلة نبي الأسلمة بأنها مرحلة نموذجية قابلة للاحتذاء بها اليوم من أجل ترسيخ الوعي بالديمقراطية وتعرية أصول الاستبداد في ثقافتنا التراثية و"المعاصرة"، التي ستنتج، من خلال رصده لملامحها المتعددة، نموذجا للحكم يستحيل، في نظره أن "يقوم على الاستبداد ولا أن يقبله"، وتتمثل معالمه في المبادئ التالية: "أمرهم شورى بينهم"، و"شاورهم في الأمر"، و"أنتم أدرى بشؤون دنياكم"، بالإضافة إلى القطيعة الكلّية مع المفهوم الشرقي القديم لنموذج "الراعي والرّعية". وهي آيات وأحاديث لا تخدم الحكام المستبدين ولم يعتد بها أحدٌ منهم على مدى التاريخ السياسي للمنطقة، فضلا عن أنه يتجاهل قول عبدالله بن عمر أنه سمع النبي يقول: « كُلُّكُمْ رَاعٍ وكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ …» (صحيح البخاريستاني رقم: 2409 ومسلم النيسابوري رقم: 1829).
وحديثًا حاول الأستاذ زهير فريد مبارك في كتابه الموسوعي: ”أصول الاستبداد العربي“ (مؤسسة الانتشار العربي، بيروت، 2010)، أن يتبع أسباب وتبعات وتداعيات تخلف العربان، والإشكالات وراء استحالة التخلص من شتى أشكال الاستبداد المتمكنة من بلادهم. يقول: إن « الاستبداد أعلى مراتب النفي الذاتي للشعوب على مستوى العالم ككل، وعلى المستوى العربي بشكل خاص».
ويستطرد قائلا: إن « العلاقة بين الحاكم والمحكوم هي علاقة مضطربة، تقوم على فرض الطاعة تلبية لخدمة الحاكم وإخضاع المحكومين لإرادته ومتطلباته، دون الأخذ بعين الاعتبار مصالحهم، ولا طبيعة التعاقد الإنساني ما بين الطرفين».
من هنا، فإن النظم الحاكمة في بلاد العربان برأيه: « تمارس القمع والاستبداد كحق لها، فتستنفر قواها دائما، حفاظا على وجودها، لأنها تعلم أنها فاقدة للشرعية. فهي تمارس الاستبداد باسم الأمن العام، والمصلحة العليا للوطن. وهذا لم يأت من فراغ. فقد كانت هناك تراكمات وأصول، هي التي نهلت منها النظم إياها سلوكها وممارساتها».
ويقول: « فالحاكم المستبد يدير ظهره للمحكومين غير مكترث لمصالحهم، لأنه يهتم ببقائه واستمراريته. فهو فوق القانون، بل القانون نفسه، فيحاسب ولا يحاسب، ويتصرف في الحكم بشكل مطلق، وهذا يؤدي إلى التعسف والتحكم والاستعباد والسيطرة التامة على المحكومين».
كما تناول بالحديث عن بطانة المستبد وحاشيته وكذا المثقفين والفقهاء الذين يزينون للمستبد سلوكه وقرارته، سيما من ناحية أطروحة "العادل المستبد" التي لطالما طبعت الآداب السلطانية بمختلف العصور. وبهذه النقطة، يلاحظ المؤلف أن الفقهاء قد مارسوا الفقه السياسي، مما أدى للتضييق على الحرية وتعزيز الاستبداد، وأعطى هذا للاستبداد بعدا دينيا لا يستطيع المرء الطعن فيه كثيرا.
أما عن مثقفي السلطان، فيقول الكاتب: "إن مثقف السلطة قد يكون من أخطر بطانة الحاكم، لكنه ليس الوحيد. فالبطانة متشعبة في جميع الاتجاهات، منها المباشرة كالندماء والأقرباء والجيش والمخابرات، وغير المباشرة كالإعلاميين والكتاب الذين هم امتداد لكتاب الدواوين، يقومون جميعا بخدمة السلطة وحكمه المستبد".
ولكن الكاتب وقع في مغالطة ثقافية وتاريخية بزعمه أنه بإمكان العرب الخروج من وضعية الاستبداد، لأنه ليس من طبعهم ولا من طبيعتهم، لا بل إن الدين الإسلامي الذي نزل فيهم يكرم الحرية والفكر والرأي المختلف، ومع ذلك يقول إن مجرد تغيير المستبد، بنظره، لا يلغي الاستبداد، لأن لهذا الأخير جذور لا يمكن زعزعتها أو خلخلتها أو اقتلاعها.
***
الفيلسوف الفرنسى مونتسكيو (1689 - 1755)، كان من فلاسفه عصر التنوير؛ وأوَّل من دعا بنظام فصل السلطات، وأول من لفت الأنظار إلى الاستبداد الإسلاموي، وذهب إلى أن المعتقد الإسلاموي هو الذي جعل منطقة الشرق أكثر عرضة للحكم الاستبدادي. وقال إنه: « يتحتم أن يكون للمسلمين حكومة استبدادية لأن الإسلام لا يتكلم إلا بالسيف ويتصرف تجاه الناس بروح تدميرية من الأساس» ويرى أن “الاستبداد الشرقي” قدر يصعب الفكاك منه، حيث يستند الحاكم المستبد إلى الدين لتبرير حكمه، وهو بالنسبة إليه «حكم الجهل، جهل المستبد ذاته، وجهل رعيته، ومن هنا يكون الغياب التام لكل فضيلة»، كما أنه يرى أن أمراء الشرق قد «انغمسوا انغماسا شديدا على الدوام في الميوعة والشهوة». وكان يعتقد بأن سبب تخلف الشعوب الإسلاموية يعود إلى البيئة والمناخ. فهى بيئة جافة وصحراوية أو شبه صحراوية ولا تساعد بالتالى على التفتح العقلى أو التسامح الدينى أو الاستنارة الفكرية وإنما هى بيئة مناسبة تماما لانتشار الأفكار الأصولية المتعصبة والاستبداد السياسي.
وفي الفصل الثالث من الكتاب الرابع والعشرين، الذي يحمل عنوان: «الحكومة المعتدلة أكثر ملاءمةً للمسيحية، والحكومة المستبدة أكثر ملاءمةً للإسلام»، ذهب إلى أن تشريع تعدد الزوجات لدى المتأسلمين أورث حبًّا للنساء والملذات، جعلهم أكثر بعدًا عن العقل والإيمان في الآن ذاته، وفي الفصل اللاحق بيَّن مونتسكيو نتائج طبيعة الديانتين، المسيحية والإسلاموية والتعارض المطلق بينهما، حيث تعمل أحداهما على تَلْيين الطباع وتَنْبيل الأخلاق، في حين تجنح الأخرى إلى العنف ولغة السيف، وإلى إقامة روح الهدم في الفرد والمجتمع. (مونتسكيو، روح الشرائع، ترجمة: عادل زعيتر، الجزء الثاني، اللجنة الدولية لترجمة الروائع الإنسانية (الأونيسكو)، دار المعارف بمصر، 1953، ص 177).
كان من الطبيعي أن تؤثر أفكار مونتسكيو على الكثير من المنظرين والمفكرين مثل برنارد لويس (1916 - 2018) وصموئيل هنتينجتون (1927 - 2008)) وإيلي كيدوري (1926 - 1992)، بشأن موقفهم من استمرار الاستبداد في الشرق الأوسط.
أما الفيلسوف الفرنسي فولتير Voltaire (1694 - 1778 م) فقد حملته الأحداث التاريخية إلى السخرية من الأديان السماوية، وخص مسرحيته الشهيرة: «التعصب أو محمد النبي»، للسخرية من شخص نبي الأسلمة وتعاليم الدين الإسلاموي الذي كان يهدد أوروبا، منذ عصور الحروب الصليبية الأولى، إلى عصر فولتير حيث كانت الإمبراطورية العثمانية تشكِّل تهديدًا حقيقيًّا للأراضي المسيحية. يمكن قراء ترجمة للمسرحية على الرابط التالي:
https://abou9othoum.wordpress.com/2013/04/10/مسرحية-محمد-ـ-موليير-فولتير/
وفي بداية القرن العشرين قرر مؤسس تركيا الحديثة، مصطفى كمال أتاتورك 1881 - ، منع رفع الأذان وأداء الصلاة في المساجد، وحول الأحرف العربية في اللغة التركية إلى أحرف لاتينية، ومنع ارتداء الحجاب في تركيا وألغى الاحتفالات بالأعياد الإسلاموية وجعل يوم الأحد أجازة رسمية في البلاد بدلا من يوم الجمعة … إلخ. قرر الاستغناء نهائياً عن الدين الإسلاموي كمنظومة نظرية ترعى وتحمي العمل السياسي للمجتمعات المتأسلمة. في حينه قال الرجل قولا مشهوراً مفاده انني لست بحاجة إلى الدين لكي أحكم البلد، فالذي يستعين بالدين جبان والجبان لا يمكن أن يكون زعيماً. وبذلك يبقى أتاتورك صاحب الفضل الأول في التشكيك في قدسية علاقة الدين بالسياسة.
***
ومن ناحية أخرى، نجد الأكاديمي البارز والإعلامي السياسي المصري الدكتور معتز بالله عبد الفتاح يسبح مع التيار في مقال له بعنوان: « محمد الرسول هدم قلاع الاستبداد فأعدنا بناءها» وقال: « نحن لسنا متخلفين بسبب ديننا، وإنما تخلفنا يأتى رغما عن سمو مبادئه، وبسبب عدم قدرة المشتغلين بأمور الفقه على الخيال غير المتصادم مع عقائد الدين وأخلاقياته».
واستطرد قائلا: « والطريف أن أكثر من نصف تاريخ الخلافات والممالك الإسلامية لم يعرف الاستقرار والأمن المنشودين، فكان المنطق هو المزيد من الاستبداد …».
https://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=24042009&id=840db158-da11-43e0-a78a-4d653444dc1b
إن جميع الكتاب والمفكرين العربان الذين تحدثوا عن الاستبداد وتطور أدوات السلطة والتسلط في بلاد المتأسلمين، إما أنهم ذهبوا إلى عكس الحقيقة وراحوا يمدحون النبي زورًا، أو أنهم تعمدوا تجاهل استبداده، رغم عدم تمكنهم من نفيه، ويركزون بدلا من ذلك على ما احدثه موته من صراع وتناحر على الحكم، سيما بعدما برزت الفرق والمذاهب وتشعبت الإسلاموية بين سنة وشيعة ومن ثم إلى فرق مذاهب لا حصر لها.
الشاعر العراقي معروف الرصافي 1875 - 1945م في كتاب ”الشخصية المحمدية، حل اللغز المقدس” - المكون من 757 صفحة، كان من الجرأة والموضوعية بحيث جرد محمدا من النبوة، قائلا: « لم يكن محمدا مبعوثا من الله، بل كان ” قائدا عبقريا ”، عمل على توحيد العرب بقيادة قريش … وأن أسلوبه ونهجه كان أسلوب قائد أراد أن يكون ملكا، ولم تكن دعوته وأسلوبه طريقة إيمانية لنبي .. »
***
تفيد الأحداث إلى أن الاستبداد الإسلاموي ليس له تاريخ فحسب، بل له أيضا منظومة تصاعدية، بدأت بنبي الأسلمة، حيث اختُزِل الدين والسياسة في شخصه وحده ثم في خلفائه من بعده. ومع أنه قد تم فصل رجال الدين عن رجال السياسة فيما بعد، إلا أن التلاقح بينهما ظل قائما على مر العصور من أجل تحقيق أهدافهما المشتركة، وهي السيطرة على الناس وسلب حريتهم وإخضاعهم والتحكم في مصائرهم. قد يتصارعان ويتنازعان على من تكون له اولوية السيطرة والهيمنة واليد الطولى على الشعب، ولكنهما يجريان معًا في ماعون واحد يجمع منافعهما معًا.
عادة ما يعقب موت أو إزاحة الحاكم المستبد صراع بين أعوانه على مكانته، فهو يتعمد عدم وجود نظام سياسي يمكِّن الآخرين من خلافته بطرق سلمية. الدكتورة هالة الوردي الأكاديمية التونسية والباحثة في التاريخ الاسلامي في كتاب الأيّام الأخيرة في حياة محمّد تمكنت من رصد نوايا و ردود فعل المحيطين به قبيل وبعد وفاته وكشفت عن وجود محاولة لقتله بعد رفع التّقديس ونزع قناع نصرة الدّين عنه. وكشفت عن أنّ للبعد السياسيّ دور هامّ في حياته وحياة من يحيطون به، وهو ما يعزّز إمكانيّة وجود الحيلة والكذب والنّفاق بين الصّحابة. وخلصت الباحثة إلى أنه لم تكن لمحمّد القداسة التّي يتمتّع بها اليوم لدى المتأسلمين، ولم يكن إلّا بشرًا يأتِي برسالة، ولم يكن في نيّته تأسيس دين؛ بل جاء بفكرة نهاية العالم، وبموته أدرك المتأسلمون بأنّ الساعة لم تحن بعدُ؛ فانبروا يؤسّسون دينًا جديدًا؛ عُمدته في المستوى السياسي: نظام الخلافة، وأساسه في المستوى الدينيّ: ابتكار النصوص الدينيّة. وقد وعى هذا الأمر، منذ البداية، أبو بكر وعمر. ولعلّ ما يدلّ على عدم تقديس الصحابة لمحمّد؛ عدم حضورهم لمراسم الدفن، فضلًا عن أنّ قبره ظلّ غير معروف إلى عهد الوليد بن عبد الملك سادس خلفاء الدولة الأموية في دمشق والذي تولى الخلافة بعد وفاة والده عبد الملك بن مروان عام 86 هـ، واستمرت خلافته عشر سنوات حتى وفاته عام 96 هـ..
***
لو أن نبي الأسلمة كان عادلا وفاضلا وعلى خلق عظيم، وكان لخلفائه أسوة حسنة فيه، كما أمرهم قرآنه، فلماذا خالفوا أحكامه وأصبحوا مستبدين وفاسدين وقتلة؟ ألم يقتدوا بفساده واستبداده وتماهوا مع سلوكه الإجرامي، لقد أعطاهم مبررات مقدسة لكل أنواع الشرور التي يرتكبونها.
بعد تشكيله عصابة الصعاليك الإجرامية في يثرب إنتشر خبر إرهابه في العديد من الدول المجاورة وسمع الناس في كل الآفاق عن صعلوك بدوي إدعى النبوة. يسلب كل شيء حتى الحياة، فأباد قبائل عربية ويهودية عن بكرة أبيها لمجرد أنهم رفضوا إدعاءه بالنبوة.
هذا المستبد ولدته أمه بعد 4 سنوات من وفاة أبيه،
تخلت عنه أمه بعد ولادته،
رعى الغنم بينما اقرانه كانوا يتعلمون الفروسيه ويتزوجون خيرة بنات قومهم،
رفض عمه أبو طالب تزويجه ابنته، وقال له "إنما الكرام للكرام"،
… إلخ إلخ.
لكل هذا وغيره انتقم فيما بعد من قومه ومن كل العرب فنكح ما طاب له من نسائهم وجعلهم عبيدا له إلى درجة أنهم يتبركون ببوله ونخمه بل وحتى يشربون الماء الذي توضأ به، ولا زال إلى اليوم ينتقم من سائر البشر!
لقد اتسمت حياة نبي الأسلمة بالقسوة والحقد والإجرام، فكان شتَّاما ولعَّانا وسليط اللسان يحرّض على قتل معارضيه ويغتالهم غدرًا وعدوانا. إذن كيف يجتمع الكرم وتمام الأخلاق والرشد مع العنف والقتل؟ لقد أتى الملفقون بنبي يجمع كل مثالبهم، وبعد موته فبركوا له ديانة تفيض بعناصر الفاشية المقدسة لتعمِّق السلوك الاستسلامي والانبطاحي بين الشعوب المتأسلمة، وإجبارها على الطاعة والخضوع لله ورسوله، وهما شخصيتان متخيِّلتان، يندرجان ضمن الفكر الغيبي، أو لم يعد لهما اي دور في عصرنا الحالي، سوى الحياة بعد الموت والآخرة والحساب والجنة المزعومة. بينما ”ألى الأمر منهم“، فهم عين القصيد والهدف الأكيد من الآية القرآنية. وبذلك تم التلاقح المباشر والمقدس بين الاستبداد السياسي والاستبداد الديني الإسلاموي. هذا التلاقح بلا شك قديم قدم البشرية، ولكنه بداية بنبي الأسلمة أصبح ثابتًا وراسخًا بناء على أوامر إلهية ملفقة.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - مقال جريء
صباح كنجي
(
2024 / 11 / 6 - 17:07
)
مقال بحثي مهم وجريء نحتاج لهكذا دراسات نقدية لا تساوم وهي الخطوة الاولى على الطريق الصحيخ للتخلص من كافة اشكال الاستبداد
.. قلوب عامرة مع د.نادية عمارة - صحيح البخاري كتاب الإيمان -باب
.. 94-Al-araf
.. 95-Al-araf
.. اللقاء الحواري حول كتاب: ما بعد الإسلام السياسي مع المؤلف: ا
.. اللقاء الحواري حول كتاب: ما بعد الإسلام السياسي مع المؤلف: ا